حكاية المنقبات الثلاث: أغباء هو أم تغاب ؟ !

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بقلم – فهد البندر[/COLOR][/ALIGN]

أصبح السعوديون في الآونة الأخيرة محبين للسفر لشتى دول العالم لأغراض متعددة منها السياحة والعلاج والعمل والدراسة حتى إن أغلبهم تشكلت لديه ثقافة كافية لمعرفة الاختلافات في قوانين الشعوب الأخرى واحترام التباينات الثقافية.
وربما بلغ عدد الذين يسافرون سنوياً في إجازاتهم خارج المملكة 12,7 مليون سعودي وهو عدد ضخم مقارنة بإجمالي السكان.
ولا شك أن أغلب السواح السعوديين اليوم يدركون أن أدنى واجبات المسافر يتمثل في احترام قوانين البلدان التي تحط طائرته أو تتوقف سيارته فيها والتزامه بها التزاماً حرفياً ليس له من بديل سوى ألا يذهب لتلك البلدان.
وفيما يتعلق بحكاية المواطنات السعوديات الثلاث اللائي احتفظت كل منهن بنقابها على وجهها عند دخول الأراضي الفرنسية مما أدى إلى منعهن من دخول فرنسا فإنني أراها حكاية مثيرة للسخرية حينما نرى إنساناً يكلف نفسه عناء الذهاب إلى بلاد غريبة الثقافة والقوانين ثم يحاول فرض تفضيلاته على تلك البلدان بخلاف ما تقول به أنظمتها ودساتيرها أو قوانينها.
صحيح أن المجتمع السعودي نفسه لم يتفق على قضية النقاب أو غطاء الوجه وأن المسألة لا تزال خلافية في أقاليم الوطن الواحد، وبين أبناء المذهب الواحد، وصحيح أن بعض المنادين لفرنسا، مثلاً، بأن تعطي نساءنا المسلمات كامل الحق في اعتماد ما يفضلنه من ألبسة أو أغطية هم أول المنادين بفرض الملابس الإسلامية على النساء الفرنسيات أول ما تطأ أقدامهن أراضي المملكة، ولكن هيهات للبعض أن يرعوي أو يعود إلى الحق إلا أن يشاء الله، أو أن يدرك بأن حق الآخرين الاعتباري على المرء في بلاده يجب ألا يقل عن حقه الاعتباري عليهم في بلادهم.
كما أنه من الواجب على الجهات المختصة لدينا أن تعمل بالتعاون مع سفارات البلدان الشقيقة والصديقة على إصدار بعض الكتيبات أو الإرشادات لكي يقرأها بعض المغيبين والمغيبات ممن يظنون أن المرأة متاح لها في الخارج أن تلبس كما يحلو لها في بلادها خماراً أو قناعاً من خام أسود على وجهها وقد لا تنظر من خلاله للكون إلا من فتحة عين واحدة. هذا التنقيب بالمناسبة ممنوع في بعض البلدان ومنها فرنسا التي غامرت السيدات الثلاث بالذهاب إليها وكأنهن يحاولن العبث بقوانينها وتنظيماتها.
أما بعض الكتاب الذين ثارت ثائرتهم على فرنسا بهذه المناسبة وزعموا أن بلاد الغال تهضم حقوق هؤلاء النسوة المستضعفات فعليهم هم أن يرتقوا بأمانة القلم فيفصلوا بين أمرين مختلفين أحدهما يتمثل في ضرورة أن يلتزم المرء بقوانين كل بلاد يسافر إليها والثاني يتمثل في طرح جدليات وحجج لا ينتهي حول الحجاب والنقاب والفرق بينهما وما يجب فيهما وما لا يجب من حيث الشرع الإسلامي والتشريعات الفرنسية أو غيرها.
هذا أمر وذاك أمر ومن يحاول الخلط بينهما إنما يغالط في الحقائق نفسه ويجعل من نفسه قصة مثيرة للإعلام العالمي الباحث عن الإثارة والنوادر.
لا شك في أن الإثارة التي حققتها قصة السعوديات الثلاث لم تكن مجانية ولا ممتعة كثيراً، فبالإضافة إلى أنها جاءت مكلفة لهن مادياً ومعنوياً فإنها جاءت أيضاً على حساب سمعة البلاد والمواطن وأصبحت تغذي ما يشيعه بعض المغرضين عن السائح السعودي كدعوى غياب حس القانون لديه كمواطن وبالتالي عدم اكتراثه بالقوانين التي يواجهها عندما يسافر إلى الخارج مع إن الحقيقة تقول عكس ذلك إلا في النادر الذي لا حكم له و الذي لا يجوز تعميمه إلا في عيون الحاسدين والمبغضين لهذا البلد الجميل.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *