ثول.. النمور السعودية قادمة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت بن طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]
** هناك دلالة عميقة ربطت بين افتتاح جامعة الملك عبدالله في بلدة ثول شمالي جدة، وبين أن يكون الافتتاح متزامناً مع ذكرى اليوم الوطني.. المراقب الذي يتفحص دلالة هذا التزامن الدقيق والحكيم لهاتين المناسبتين، لا بد وأن يضع يده على المحك، الذي قاد ملكنا العظيم لهذا الفعل المتزامن، فالجامعة الوليدة يُراد لها أن تكون منعطفاً محورياً، في مسيرة السعودية نحو الحضارة والتقدم، هي ليست مجرد مؤسسة اكاديمية جديدة تضاف الى الجامعات السعودية، وإلى منظومة التعليم العالي في بلادنا، ولكنها بناء سعودي ضخم له أهداف أبعد وأرسخ وأهم.
** الجامعة الجديدة بنظامها الخاص، وأهدافها الكبيرة، ورؤيتها المختلفة عن الجامعات التقليدية، هي الخطوة الأولى القوية والشجاعة للملك الشجاع الحكيم الملك عبدالله، في مشوار الألف ميل نحو العالم الأول وهي العمل العلمي القوي الذي يريد به الملك عبدالله أن يقول لشعبه، إن هذه هي الدفعة القوية المهمة لأن نتغيّر إلى الأفضل، في عالم لم ينجح فيه الناجحون الاّ بتغييرات شجاعة وقوية وحقيقية كهذه وأمثالها من محاريب المعرفة والبحث والتقنية.
** الجامعة الجديدة أراها رأس القطار، الذي سيجرّ وراءه العديد من العربات، ولابد – حتما – لرأس القطار هذا أن يكون نموذجياً في كل مواصفاته، حتى يستطيع ان يتحمل بكفاءة قيادة مقطورات الحياة السعودية كلها خلفه بكل ثقة واقتدار، لتصل الى آفاق ارحب من التقدم المدروس، والذي به نستطيع ان نزاحم أمم الأرض على الصدارة، فلسنا – في الواقع – اقل طموحاً من منظومة دول النمور الآسيوية، تلك التي اذهلت العالم بحضورها الباهر، خلال الثلاثة عقود الماضية، وقفزت بإنسانها وبلادها الى العلالي بالعلم والعمل الدؤوب.
** كل ما قلناه هنا من أهمية بالغة لهذه الجامعة، وأنها تتعدى كونها رقماً جديداً في سلسلة جامعاتنا، جعل صاحب القرار وهو ملك البلاد يضع موعد افتتاحها متزامناً مع أهم مناسبة سعودية، وهي ذكرى اليوم الوطني، وفوق ذلك كله فقد دعا الملك عبدالله الى افتتاح المناسبة ثلة من زعماء ومسؤولي العالم، ثقة من الملك بقراره التاريخي المؤثر، في بناء جامعة الجامعات، وفي رؤيته لأن يكون هذا المشروع المبارك قائداً للقافلة الحلم نحو العمق الحضاري للعالم الأول.
** الملك عبدالله قال في كلمته خلال افتتاح الجامعة (إن العلم والدين لا يمكن ان يكونا خصمين) وهو تأكيد بليغ من الملك على ان ديننا في الأصل دين العلم، و(اقرأ) هي أول لفظ قرآني كريم، أنزله الباري عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي دعوة من الله تعالى إلى العلم، الذي تعاملنا معه نحن المسلمين بشكل تقليدي، فكانت احوالنا في عصور كثيرة من تاريخنا حياة تقليدية إن لم تكن اقرب الى التأخر، بينما دول العالم المتقدم اتكأت على العلم فوصلت الى اقصى شوط من التقدم، كما نرى ونسمع ونقرأ.
** الصرح العملاق في ثول، نموذج حيّ للرغبة الملكية في \”العصرنة\” من بابها الصحيح والواسع، وستصل انوار معرفتها وبحوثها ومعانيها وأهدافها واسلوب حياتها، إلى كل شبر من الوطن مع الزمن بحول الله تعالى، وسنجد انفسنا بعد زمن قريب وقد تعلمنا – في كل أمور حياتنا – من هذا المنجز التقني العلمي البحثي الشامخ، وأولنا جامعاتنا التي سيجد مديروها انهم صاروا في \”عين المنافسة\” وأن عليهم ان يقتربوا من محاكاة مخرجات الـ\”كاوست\” وهو الاسم المختصر للجامعة العملاقة، وان عجلة الزمن قد دارت، ولا مكان للوقوف فضلاً عن النظر الى الخلف.
** التعيلم العام هو الآخر سيكون تحت المجهر، ولا بد ان تكون مخرجاته جديرة، بأن يقتحم طلابه هذه الجامعة، ويحققوا المنافسة بل والتميز، والاّ فسينظر الناس الى التعليم العام على انه ركب متأخر، لا يقوى على المزاحمة العلمية التنافسية، وبهذا الشكل وبهذه المثابة كانت الـ(كاوست) معملاً هائلاً لتفجير الابداعات، وتحفيز المجتمع السعودي بكامله للانطلاق نحو العالم الأول، رغماً عن كل متحذلق وصاحب نظرة قصيرة، وأفكار متخلفة.
** ثمة من شرق بما ستكون عليه بعض نواحي الحياة داخل الجامعة وهؤلاء لحسن الحظ قلائل، وبالتالي فإن هذا يكشف عن ضحالة رؤيتهم، ولا أقول حجم حرصهم على تقدم بلدهم، فكلنا ان شاء الله على قدر متساوٍ من الوطنية، ويبقى الأمر المؤكد ان الملك عبدالله وبخطوته الجبارة هذه، يبرهن من جديد لمواطنيه وشعبه وللعالم، انه طراز فريد من المخلصين والملهمين، لا تهمه الفرقعات الاعلامية أبداً، بل كل همّه ان ينقل السعوديين الى مشارف المجد، بدليل ان أن هذه الجامعة التي كانت حلمه وهاجسه لأكثر من عقدين من الزمن، لن تحقق مخرجاتها بشكل واسع الاّ بعد جيل واحد من الآن، كما قال رئيس الجامعة \”تشون فونغ\”.. هنا يمكن لنا كسعوديين أن نقف من جديد على أبعاد ما يدور في رأس الملك عبدالله من محبة وإخلاص وصدق مع الله ثم مع شعبه واجياله القادمة.
التصنيف: