تلاقح الأفكار ..وثمارها !
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]غازي الدليمي[/COLOR][/ALIGN]
٭\” لن أستطيع هضمه !!\”..
\” ولا يمكن أن نتفاهم أبداً !!\”..
\” يا أخي أنا لا أستسيغ هذا الآدمي !!\”..
\” أحس أنه ثقيل طينة !!\”..
\” إحنا ما راح ننسجم أبداً !!\”..
كثيراً ما نسمع مثل هذه الكلمات والأحكام المسبقة على أناس نكتشف فيما بعد أنهم ممن يشرف المرء بمعرفتهم والجلوس إليهم والحديث معهم .لا لشيء إلا لأن هذا الحكم قد أطلقناه تحت تأثيرات خارجية، كحديث نقله البعض إلينا عنهم أو سماعنا لرأي شخص آخر فيهم أو انطباع أولي تشكَّل نتيجة تصرف غير مقصود صدر منهم أو كلمة قالوها فحملناها على غير ما أرادوا وربما أحياناً بسبب ملامحهم ولونهم أو طريقة لبسهم .وأحياناً لا نتقبل الآخر لمجرد اختلاف ثقافاتنا وخلفياتنا الفكرية والإجتماعية أو حتى الدينية ! ..من نافلة القول ان الله سبحانه وتعالى جعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف، لكن هذا التعارف لا يتأتى إذا تخندق كل منا في ديانته وتمترس خلف أيديولوجية وتسربل بثقافته واتّزر بقاليده وهدم جسور التواصل بينه وبين الآخرين !!إن التعارف يأتي حين تُفتح أبوابه وتُكسر أقفال الانكفاء على الذات وتُقطع سلاسل الجهل بالآخر وأغلاله بمخالطته ..وحين تصغر ولو قليلاً \” الأناء \” – الفردية أو حتى الجمعية – في أعيننا لنتعرف بالآخر وحقه في الوجود مثلنا تماماً .إن التعارف يأتي حين نجلس مع جميع شرائح مجتمعنا وأطيافه المختلفة على طاولة \” مستديرة \” ليس لمقعد فيها ميزة على \” الآخر \”!، إننا لو انعتقنا من تلك القيود والأغلال لرأينا الناس من حولنا مختلفين عما كنا نظنهم، ولدى كل منهم ما ي ُحمَد عليه !!لوجدنا نقاطاً كثيرة نتفق وإياهم عليها ومناطق كبيرة تجمعنا، إن قولبة الناس من حولنا والنزوع إلى عنونتهم وتصنيفهم ومن ثم رفضهم وإيصاد الأبواب في وجوههم ستحرمنا ومجتمعنا من ثمرات الاجتماع وتلاقح الأفكار وسيادة روح الألفة والمحبة بين أفراده .
إن أي حراك فكري أو نتاج علمي أو تقدم صناعي لا يمكن أن يحدث إذا بقيت مجتمعاتنا حبيسة تلك الدعوات التي تفرق ولا تجمع، تهدم ولا تبني، ترفع أسواراً عالية تحرمنا من رؤية بعضنا بعضاً ! .لقد شاهدنا قبل فترة المؤتمر الاسلامي للحوار بمكة المكرمة في
خطوة مهمة لترتيب البيت من الداخل استعداداً للحوار مع الآخر في مؤتمر حوار الأديان المرتقب الذي دعا إليه خادم الحرمين الشريفين وقد كان كما قال هاجساً له يراوده منذ سنين .
وإننا ..في كيان ضخم كمجتمعنا السعودي يجمع بين جوانحه ملايين البشر من بلدان مختلفة ومناطق متباعدة وثقافات متنوعة وعادات وتقاليد متباينة، قد وفرَّ لنا المجتمع تلك البيئة النقية لتكون لنا ثقافتنا الخاصة، وهي ثقافة يبنيها المجتمع السعودي العريق في تقبل بعضنا بعضاً واحترام كل منا خصوصيات الآخر لنعمل في انسجام وتناغم تحكمنا سياسة المنظومة التي نعمل فيها وتحت مظلة الشريعة الاسلامية السمحاء التي يسودها احترام الآخر وتبادل المعرفة .ما أجمل أن تنشر هذه الثقافة في كل مكان، فينظر كل منا مبتسماً بـ \” قلبه \” متهللاً وجهه للآخر مصافحاً إياه باحترام لتمتد جسور التواصل والمحبة بيننا، وكما قيل :\”إفهم الآخرين قبل أن تطالبهم أن يفهموك \” .
التصنيف: