هوس عمليات التجميل لا يقتصر على النساء فقط – رغم أن حب التَجمّل يُولد معهن بالفطرة – بل انتقلت عدواه إلى الرجال الذين باتوا اليوم ينافسون النساء في عالم التجميل. اسألوا أطباء التجميل عن عدد الرجال الزائرين لعياداتهم وستصدمون. كثيرون للأسف إن تحدّثوا عن التجميل يوجّهون نقدهم إلى النساء والفتيات، متناسين أن عدداً كبيراً من الرجال يُجرون كما النساء هذه العمليات، وكأن مجتمعنا حتى في هذا الموضوع ذكوري يحلل للرجل إجراءها ولا ينتقده عليها، ويحرّمها على النساء ولا يترك نقداً إلا ووجهه إليها.
لابد من التأكيد على أن بعض عمليات التجميل تعتبر ضرورية وملحّة، كأن يتم إجراؤها لمن يعاني من تشوهات خلقية، أو ندبات وحروق، أو حتى للمحافظة على الصحة العامة، كأولئك الذين تهدّد السمنة حياتهم. أو لترميم ما يُفسده الدهر مع التقدم في العمر، ولكنها ليست بكذلك بالنسبة لمن فقط يريد أن يظهر بشكل الفنان أو الفنانة الفلانية، أو تحشو جسمها للظهور بشكل أكثر فتنة وإغراء، فعمليات التجميل دوّامة إن دخلت في شباكها لن تخرج منها أبداً، فهي كالسلسلة تماماً عملية تجر بعدها عملية أخرى، ولن تعرف ما سيؤول إليه شكلك، ولن تعرف ما قد يُصيبك منها من مَضار ومَصائب، فكم من عمليات تشوِّه ولا تجمِّل. لن أضرب مثلاً على ممثلينا العرب رغم أن الأمثلة بينهم كثيرة، ولكن لننظر إلى ما وصلت إليه كيم كرديشيان من شكل بعد أن طمعت وبالغت في عمليات تجميلها حتى باتت مقزّزة.
الظهور بشكل مرتب وجميل ومهندم أمر ضروري، ليس فقط للظهور بشكل مقبول أمام الآخرين بل حتى لأثره على نفسية الشخص نفسه، ولكن ليس معنى هذا الجحود بنعمة الله علينا ورفض الشكل الذي خلقنا الله عليه. وليس معنى هذا أن يزاحم الرجال النساء في هذه العمليات، ليتعدوا الأمر إلى التجمّل اليومي بوضع مساحيق التجميل من بودرة وأحمر شفاة وحف للحواجب، ضاربين بالرجولة عرض الحائط، ليتباكى المجتمع يوماً بعد آخر بانقراض الرجولة بين ذكور هذا الجيل، الذي أصبح همّهم، كيف يبدو شكلهم أكثر من كيف تبدو أخلاقهم أو كيف يمكنهم أن يحققوا أعلى مراتب التفوق العلمي والعملي؟. فإن كان أول ما يلفت نظر الرجل جمال المرأة، فإن أول ما يلفت انتباه المرأة رجولة الرجل.
* ياسمينة: كن جميلاً وملفتاً بأخلاقك وشهامتك، لا بشكل أنفك ولا برسمة حواجبك.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *