الناتو يتخذ وجهة عالمية

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]منصف الخروبي[/COLOR][/ALIGN]

كثير من الأسئلة طرحت على أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام لحلف الناتو، خلال محاضرة حول الحفاظ على الأمن في القرن الواحد والعشرين ألقاها في لندن، بدعوة من المعهد الملكي البريطاني \”شاتام هاوس\”. قدّم خلالها راسموسن وجهة نظره بخصوص مستقبل الناتو التي تقوم على أهمية التعاون مع شركاء دوليين من أجل ضمان الاستقرار والأمن.
استهلّ أندرس فوغ راسموسن كلامه بملاحظة أنه ليس من السهل اليوم أن تكون متفائلا فالدنيا الآن مليئة بالمتشائمين \”المحترفين\” في الجرائد وعلى شاشة التلفاز وفي المدونات على الانترنت. ويقول نرى تخمينات أن اليورو سينحل وأوروبا ستتحطم بعد أن يتجاوزها العالم ويستغني عنها شركاؤها ويستبدلونها بغيرها. كما نرى الاضطرابات والغموض في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ونشهد صعود قوى جديدة في المجال الاقتصادي والسياسي والعسكري، حتى إن بعضهم يتوقع انهيار الغرب تماما.
ويعلق المحاضر بأنه يعارض بشدة هذه النظرة المتشائمة ولا يعدو الأمر أن يكون مظهرا من مظاهر التغيير السريع في زمن يصعب تكهنه ويتميز بالتعقيد والتشابك. فأوروبا وأميركا حسب رأيه ما زالتا تكتسبان موارد وأفكار وعزيمة هائلة تمكن من خلق قوة كبيرة للتغيير الايجابي.
ويضيف قائلا إنه على مدى أكثر من 60 عاما ضمن الناتو الأمن والاستقرار اللذين مكّنا القارة الأوروبية من الازدهار وذلك بفضل قدرته على شن عمليات مشتركة معقدة بشكل لا تقدر عليه أية جهة أخرى.ويشرح المتحدث مساهمة الناتو في الإصلاح السياسي والازدهار الاقتصادي بقوله إن عضوية دول أوروبا الشرقية في السنوات الأخيرة كانت حافزا لها للقيام بإصلاحات سياسية وتعزيز الديمقراطية وحكم القانون. كما أعطت العضوية في حلف الناتو الثقة للمستثمرين مما شجع على النمو وبعث الحيوية في الاقتصاد.
الفكرة المثيرة للانتباه التي أوردها المحاضر هو أن انفتاح أوروبا واستقرارها -طبعا بمساهمة الناتو- قد جلب الخير والمنفعة إلى بلدان الحلف ومحيطه الواسع بما في ذلك روسيا. والدليل على ذلك هو ارتفاع المبادلات التجارية بين روسيا والأعضاء الجدد في الناتو وذلك نتيجة للاستقرار المتوفر على حدودها الغربية. في حين أن روسيا تنظر إلى سياسة \”الباب المفتوح\” لدى الناتو بريبة وعدم ارتياح لذلك – يقول المتحدث – إنه يجب مساعدة روسيا على تغيير أفكارها الخاطئة وإقناعها أنها يمكن أن تتعاون مع الناتو لبسط الأمن معا، عوضا عن مواجهته.
غير أن عمل الحلف لا ينحصر في حدوده الجغرافية ومحيطه القريب فقط بل يتعداه إلى مناطق أخرى قاصية مثل أستراليا التي عقد معها الحلف مؤخرا إعلانا سياسيا مشتركا يرسم كيفية تطوير مقاربات مشتركة لمواجهة تحديات مشتركة. فرغم البعد الجغرافي، يشترك الحلف مع أستراليا في نفس القيم ويقفان في جهة واحدة فيما يتعلق بالأمن. ويورد مثالا على ذلك هو أفغانستان حيث تشارك أستراليا في ائتلاف يتكون من 50 بلدا بقيادة الناتو حتى لا تكون أفغانستان مرة أخرى ملاذا آمنا \”للإرهابيين\”.
واستدرك ليوضح أن كل ذلك لا يعني تعويض الناتو لشركائه الحاليين بغيرهم أو التوسع الجغرافي في أنحاء أخرى من العالم، بل كل ما في الأمر أن الحلف يتخذ وجهة عالمية ويقوم بدوره على الصعيد العالمي بتضافر المجهودات المتناغمة مع شركاء من كافة أنحاء العالم. ويتجلى التعاون مثلا في توفير الناتو للتعليم والتدريب العسكري لكثير من البلدان، ولكن يلاحظ أن طريقة العمل قديمة وتبقى هناك حاجة لصياغة مقاربة أشد صلابة لكيفية التعاون وتشريك أكبر عدد ممكن من البلدان. والمثال على ذلك هو التعاون بين القوات الخاصة لتوفير إمكانية أكبر للتعلم من الخبرات سواء للحلف أو لشركائه.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *