يروى ان رجلا اقبل الى ابراهيم بن ادهم، فقال: يا شيخ، ان نفسي تدفعني الى المعاصي فعظني موعظة.
فقال ابن ادهم: اذا دعتك نفسك الى معصية الله فاعصه، ولا بأس عليك، ولكن لي اليك خمسة شروط.
اذا اردت ان تعصي الله فاختبئ في مكان لا يراك الله فيه.
فقال الرجل: سبحان الله كيف اختفي عنه وهو لا تخفى عليه خافية!
فقال ابراهيم بن آدهم: سبحان الله.. اما تستحي ان تعصي الله وهو يراك.. فسكت الرجل ثم قال: ازدني.
فقال ابن ادهم: اذا اردت ان تعصى الله.. فلا تعصه فوق ارضه.
فقال الرجل: سبحانه الله.. واين اذهب.. وكل ما في الكون له.
فقال له ابراهيك: اما تستحي ان تعصي الله.. وتسكن فوق ارضه؟
قال الرجل: زدني.
فقال ابن ادهم: اذا اردت ان تعصي الله.. فلا تأكل من رزقه.
فقال الرجل: سبحان الله.. وكيف اعيش.. وكل النعم من عنده!
فقال ابراهيم بن ادهم: اما تستحي ان تعصي الله.. وهو يطعمك ويسقيك.. ويحفظ عليك قوتك؟
قال الرجل: ازدني.
فقال ابن ادهم: فاذا عصيت الله.. ثم جاءتك الملائكة لتسوقك الى النار، فلا تذهب معهم.
فقال الرجل: سبحان الله وهل لي قوة عليهم.. انما يسوقونني سوقاً!
فقال ابراهيم: فاذا قرأت ذنوبك في صحيفتك.. فانكر ان تكون فعلتها.
فقال الرجل: سبحان الله، فأين الكرام الكاتبون، والمنلائكة الحافظون، والشهود الناطقون، ثم بكى الرجل ومضى وهو يقول: اين الكرام الكاتبون، والملائكة الحافظون، والشهود الناطقون.
يا لها من موعظة حسنة، وما اعظم الهدي السماوي في قوله تعالى (وقال الذي امن يا قوم اتبعون اهدكم سبيل الرشاد، يا قوم انما هذه الحياة الدنيا متاع وان الاخرة هي دار القرار، من عمل سيئة فلا يجزي الا مثلها ومن عمل صالحة من ذكر او انثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب) سورة غافر.
كان علي بن ابي طالب كرم الله وجهه يقول “ان الدنيا قد ارتحلت مدبرة وان الاخرة قد ارتحلت مقبلة ولكل منهما بنون فكونوا من ابناء الآخرة ولا تكونوا من ابناء الدنيا فان اليوم عمل والاحساب وغدا حساب ولا عمل”.
قال بعض الحكما عجبت ممن الدنيا مولية عنه والاخرة مقبلة اليه يشغل بالمدبرة ويعرض عن المقبلة، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال اخد رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب او عابر سبيل، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول اذا امسيت فلا تنتظر الصباح واذا اصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك) وهكذا المؤمن لا ينبغي له ان يتخذ الدنيا وطناً ومسكناً فيطمئن فيها ولكن ينبغي ان يكون فيها كأنه على جناح سفر. اللهم احسن عاقبتنا في الامور كلها.
للتواصل 6930973

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *