لقد رأينا في قصصنا الشعبية كيف سبقت السلحفاة منافسها الأرنب .وفازت في السباق ..والسبب معروف ,فمن يعمل بدأب وتأن وعزيمة كما يقال:(slowly but firmly ) ، ليس كمن يجري بسرعة ويعتليه غرور العظمة ، متأكدا من الفوز وهو عنه بعيد ، فيماطل ويتلهى وحينها لا يلحق الهدف فيخسر الرهان…

هناك قوة غامضة تؤثر في سلوكيات بعض الناس تدفعهم إلى التهرب من انجاز الأعمال التي تنتظرهم ، فيلجؤون إلى تأجيل كل ما هو عاجل وهام في حياتهم إلى الساعات والدقائق الأخيرة ..فيستسلمون للشعور بالراحة ويشغلون أنفسهم في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي أو قراءة الروايات أو مشاهدة بعض الأفلام أو الركون إلى ممارسة غيرها من الهوايات .

ولكن هذا السلوك من المماطلة والتسويف سرعان ما يصطدم بالواقع المرير عندما يأزف وقت التسليم ، وتبدأ ساعة الاختبار ، ليصاب حينها المماطلون بالإحباط ، ويشعرون بالذنب والندم على ما فات ، لأنهم لم يستثمروا وقتهم بالشكل الأمثل ولأنهم قدموا منتجاً معمولا على عجل ، رديء المواصفات. وفي دراسة لجامعة ( Western Reserve University) جاء فيها : أن المماطلة في المرحلة الجامعية أدت إلى مستوى أعلى من الإجهاد والأمراض، ودرجات أقل في نهاية الفصل الدراسي.

وفي مقالة للكاتبة آنا سوانسون نشرت على موقع المنتدى الاقتصادي العالمي ، تحدثت فيها أن بعض الباحثين اعتبروا أن المماطلة تأتي نتيجة لفقدان القدرة في التحكم بالذات وبالانضباط الشخصي ، مثل الإفراط في تناول الطعام أو الإسراف في الإنفاق. أو بسبب الكسل وسوء إدارة الوقت ،

ولكن هناك باحثين يعزون المماطلة إلى ارتباطها بعمل الأدمغة ، والتصورات الأعمق للوقت…وأيا تكون المسببات فقد تظهر المماطلة والتسويف على الصعيد الاجتماعي عجز من يوصفون بها ، وتؤدي إلى نفور الآخرين منهم ، لأنهم غير جديرين بتحمل المسؤوليات والمهام التي أوكلت إليهم . ولعل في التربية والتوجيه شيء من الايجابية في الحد من ذاك التصرف الخاسر على الفرد وعلى الجماعة ،

وأكثر ما يفيد الأبناء ولا يضيع عليهم فرصهم في الحياة ويبعد عنهم عواقب المماطلة والتسويف هو تعزيز ثقتهم بأنفسهم واكسابهم للعادات الصحيحة عن طريق التخطيط الجيد لبرامجهم اليومية وحثهم على الالتزام بالمواعيد المحددة للانتهاء منها . ثم محاسبتهم على التقصير في حال التأخر عن أدائها .،

ويجب ألا ننسى تقوية مهاراتهم في ادارة الوقت، بحيث نعلمهم كيف يتدرجون بإنجاز أعمالهم من الهام إلى ما هو أقل أهمية ، وضرورة أن يبدأوا بالصعب للأقل صعوبة .. يقول الكاتب الساخر مارك توين : تناول ضفدعاً حياً في أول النهار ولن تواجه شيئاً أسوأ من ذلك باقي النهار ” .والحكمة تقول : “لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *