[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]

** تحت هذا العنوان.. (الطابور.. لو سمحت).. كتب كل من الكاتبين القديرين صالح الشيخي (الوطن) و د. جاسر عبدالله الحربش (الجزيرة) مقالين بنفس العنوان، وكان يفصل بينهما على التوالي مدة سنة تقريبا.. المعنى متقارب والنص ليس حرفياً بالطبع، الشيخي أجاد وبرع كعادته، لكن الحريس كان أكثر حذاقة.
** الكاتبان كانا ينعيان حالنا وسائر العالم الثالث والرابع طبعاً، مع حكاية الطوابير وكأن ثمة تأزماً أو عداوة مع هذا الفعل الحضاري، الذي هضمته أمم العالم الأول والثاني مبكراً، وطبقته وصنعت منه أعجوبة، نراها خارقة أمامنا نحن بني يعرب عندما نحلّ في ديارهم، ونلمحهم يتعاطونها كمسلَمة حياتية، وثقافة متجذرة، وبريطانيا نموذجاً في هذا.
** كان أحد أصدقائي – رجل أعمال – يحدثني ذات مرة، عندما فتحنا هذه السيرة، فشهد أمامي أنه وقف غير ما مرة خلال زيارته إلى لندن في طوابير محال تجارية يتخللها كلب أو كلاب راحت تصطف مع الواقفين في الطابور، والجميع لا يملك إلا الاستجابة لثقافة الطابور، في مشهد قد لا يصدقه إلا من يعيشه.
** وأظن أننا هنا نمارس حالة من جلد الذات بدون معنى، عندما نصم الناس من حولنا بالقفز على الطابور، وكأن ثقافة الاصطفاف جسم مادي يمكن له أن يهبط علينا من الفضاء لمجرد التمني، دون أن نعي ذلك السيد الطابور إنما يتشكل نتيجة إرهاصات ومعطيات على الأرض،
** ولذلك فأنني اجزم انه لا يمكننا الالتزام بالطابور دون أن نعرف – أنت وأنا – أن من يتجاوزه سينال عقابه فورا – كائناً من كان، وأن أتأكد تماماً أن حقي سيصلني مهما امتد الطابور، وأن من نقف أمامه يعمل بإخلاص وأمانة واضحة لنا لإنجاز الطابور، وأن أحداً لن يأتي من فوق رؤوسنا نحن الواقفين لانجاز معاملة مشبوهة، أو أن الأخ الموظف لن يتشاغل بالتوافه فيضيع علينا الوقت، ثم يقول لنا بكل وجه بارد (تعالوا – بكرة).
** نحن نجحنا هنا إلى حد ما، في حكاية الطابور هذه، في مسألة صندوق التنمية العقاري، ولذلك فقد ظللت – كمثال – لثماني سنوات انتظر دوري برضى، لأن في عقلي الباطن قناعة أنه لن يتقدمني أحد مهما كانت الوجاهة الاجتماعية لذلك الأحد.
** يا أيها الإخوة قبل أن تطالبوا الناس الالتزام بثقافة الطابور، أوجدوا (المحاور العملية) لبناء هذه الثقافة.. وستجدون أن الناس – لوحدهم – قد اصطفوا وراء بعضهم البعض بانتظام، بل وفي مشهد مثير.
** أما بغير ذلك – فسنظل كمن يطارد السراب في قفر لا متناه.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *