الغليان العاطفي (مصنع الرجال)

• حاتم طالب المشهدي

تعاني المجتمعات العربية من صراعات فكرية منعتهم من مواكبة النهضة الغربية في المجالات المختلفة! اولها (الانشغال) الدائم بالتحليل والتحريم لكل جديد! يليه الانشغال بتحديد مكان المرأة! فلم يمتلك الشرقيون علي مر العصور ثوابت أو رواسخ فكرية واضحة عن مكان المرأة في النسيج الاجتماعي! أدي ذلك الي فتح باب الاجتهاد علي مصراعيه في كل بلد واقليم….فتجد كل عائلة شرقية تملك (صورتها وتحليلها الخاص) عن مكانة المرأة! صورة متأرجحة متغيرة… حتي لدي العائلة الواحدة.
وتجد قمة تذبذب المجتمع في (التأرجح الدائم) بين المنع والسماح! مثل تمكينها من استخراج (بطاقة جوال) بعد ان كان ممنوعاً لدينا حتي وقت قريب! او منعها من تجديد جواز السفر دون صك اعالة! او مقتضيات عالة واخواته (مُعّرِف/ ُمعيل/ وكيل) حتي أنك تجد الأخ أو الأب الحنون… متذبذبا كموجات التيار الكهربائي يضرب ابنته أو أخته ثم يحزن عليها ويعتذر ويكرر ذلك موسمياً! ثم يأتي الزوج ويكمل إخراج حلقات (مسلسل المعاتيه) بدلا منهما.
وللأسف! لم تنجح المرأة خلال العقود السابقة في تحديد مكانتها! فتجد المرأة العربية عموماً متذبذبة بين الحجاب وخلعه! النقاب وفكه! محادثة الاقارب من الرجال أو منعه! المصافحة أو عدمها! حتي لتجدن المرأة الواحدة متنقلة سنوياً بين هذين النقيضين بسبب عدم وجود مثال واضح في ادبياتنا الشرقية! ولعل هذا التذبذب الفكري حيال المرأة…. ناتج عن ضعف المكون الثقافي لدي أكثرية النساء الشرقيات (الأمية الثقافية وليست الجامعية) فانعكس ضعف مكونها الثقافي علي تربيتها لأبنائها (رجال المستقبل الذين سيسومونها سوء العذاب)
ولن تجد شخصاً معطوباً فكرياً إلا وله أم كانت مشغولة بالماورائيات أو توافه المسلسلات أو آخر الاشاعات علي حساب تنمية قدرات أبنائها الثقافية! بعيداً عن نقيضيّ (التحلل/ التفسخ الاخلاقي) أو (التشدد والتنطع الفكري) الذي صبغ تصرفات المرأة الشرقية نتيجة إنقيادها وراء مظاهر التدين القشري في بعض المجتمعات مطلع الثمانينات وبداية (رحلة تذبذب طويلة) بين الركض خلف الفتاوى في المكالمات ثم الفضائيات! بعد الانشغال بالكتيبات والمختصرات القشرية التي ظهرت في العالم الإسلامي علي حساب الكتب التقليدية! ثم جاءت الاشرطة السماعية! ومواقع وبرامج تفسير الأحلام! وفك الأسحار! وطوالع الأبراج! فعادت بها الادراج! ولم تعد (مصنعاً فكرياً لأبنائها) الذين قد يمارسون عليها أبشع أنواع التجارب الفكرية حال إشتداد عودهم وجريهم وراء كل واعظ أو مرشد متخصص في نشر فكر (دونية) المرأة.

 

Twitter @ALBilad123
درجة الدكتوراه/ الجامعة الأوروبية/ الكنفدرالية السويسرية.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *