العلاقة بين الحاج والمطوف والدليل

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]علي محمد الحســـــــون[/COLOR][/ALIGN]

•• لقد فقد المطوف في مكة المكرمة والدليل في المدينة المنورة تلك العلاقة الحميمة التي كانت تربط كل واحد منهما بالحاج القادم من بلاده وهو كله شوق ولهفة لهذه الأماكن الطاهرة.. لقد تحولت تلك العلاقة \”الخاصة\” إلى \”رقم\” فالحاج لا يكاد يرى مطوفه أو دليله بل بالفعل لا يراه ولا يعرفه أنه يتعامل مع أرقام فهو لا يؤدي مهمة الإرشاد كما هو المطلوب منه داخل المسجد بتطويفه أو زيارته ولا يقوم بتقديم خدماته إليه تلك الخدمات التي في جانب كبير منها خدمات إنسانية من تمريضه بل حتى مشاركته في شراء هداياه لأهله كل ذلك من خلال علاقة خاصة بين كل منهما.
•••
مثلا ذلك الانتظار الذي يعيشه – الدليل – في باب العنبرية في زمهرير الشتاء \”وأنا أتحدث عن المدينة لمعرفتي بتفاصيل تلك العلاقة بين الحاج والدليل حتى وصول الحاج إلى المدينة المنورة قادماً من جدة أو ينبع وتكون لحظة المواجهة لحظة مليئة بكل أنواع الفرح والترحاب، فيذهب به إلى مسكنه المعد له ويقدم له طعام الإفطار إذا كان القدوم صباحاً أو الشاي والحليب إذا كان الوقت ليس وقت تناول طعام.
•••
لتبدأ مرحلة الترابط بينهما سواء كان ذلك في مرافقته للزيارة لكل المواقع المتعين عليه زيارتها من المسجد النبوي الشريف وزيارة قبر المصطفى عليه صلوات الله إلى بقيع الغردق أو إلى مسجد قباء وسيد الشهداء أ المساجد السبعة أو مسجد القبلتين وغيرها من المواقع التاريخية والأثرية التي يحفظها الحجاج عن ظهر غيب، فترى على صفحات وجوههم ذلك الحبور والسعادة التي يعيشونها لكونهم أتوا إلى المواقع التي كانوا يحلمون بها.
الآن فقد كل ذلك. فلا شيء من كل هذا لقد تحول \”الحاج\” عند المطوف وعند الدليل إالى – رقم – واختفى اسم المطوف واسم الدليل عن – الحاج – فلا ترابط بينهم أبداً.
•••
ومن أخطر الأشياء التي حدثت حكاية استئجار العمارات للحجاج كان المطوف في مكة المكرمة والدليل في المدينة المنورة يقوم كل واحد منهما باستئجار مساكن حجاجه إلى ما قبل سنوات لتتحول تلك المسؤولية إلى بعثات الحج القادمة من الخارج التي تقوم بذلك الاستئجار ولا أعرف هل هذا يحدث في خارج بلادنا أن يسمح لمن يأتي من الخارج ليقوم بعمل هو من خصوصيات أبناء المهنة أبناء الوطن. إنه من نافلة القول إن أعضاء تلك \”البعثات\” قد أثروا ثراءً فاحشاً من هذا الإسكان وعلى حساب ابن البلد.
•••
•• كان \”الدليل\” يعمل وبجانبه أبناؤه على مدار الساعة في خدمة حجاجه بل يمتد ذلك العمل إلى كافة أفراد الأسرة الذين يقومون بالمحبة دون أن يشعروا بالمهانة بأنهم يخدمون \”آخر\” كأن الله سبحانه وتعالى سخرهم لخدمته فهي خدمة لا تقدر بأي ثمن مع أن الثمن كان ثمناً مادياً زهيداً جداً نظير ما يقدمونه.
لكن هي إرادة الله أن جعل من يخدم ضيوفه بكل تلك الهمة وبذلك الاهتمام بل والشموخ الذي يشعر به في داخل نفسه أنها خدمة شريفة جداً.
•••
إنه زمن الترابط الذي لا يتوقف عند وصوله إلى هنا بل يمتد إلى بلاده عندما يذهب المطوف أو الدليل بعد نهاية \”الموسم\” إلى بلاد حجاجه مجدداً العلاقة وزيادتها متانة وترابطاً لا ينفك أبداً وقد يصل إلى حد \”المصاهره\”.
فهل نفكر في إعادة ذلك الترابط؟
•••
لازلت أذكر تلك السيدة التي كانت تحتل مكانها في صدر مكتبها وحولها حجاجها وبعض العاملين معها كانت سيدة ذات سطوة رهيبة في وسط أولئك الرجال من الادلاء، كانت تربطها بحجاجها علاقة متينة من الحب والتلاقي، كانوا ينظرون إليها كأحسن ما يكون للذين جعلوا من أنفسهم \”خدماً\” في خدمة ضيوف بيت الله وزوار مسجد رسوله صلوات الله عليه.
نعم كانت امرأة تقوم بعملها كدليلة مباشرة لعملها قبل أن نطالب باشراك المرأة في العمل تلك المطالب التي طال الزمن بها ولازالت محل خشية وخوف بل وريبة من البعض مع الأسف إنها صورة لذلك الماضي المتصالح فيه الإنسان مع الآخر ومع نفسه فهل نعود إليه ومتى؟

•• آخر الكلام
النظر إلى الخلف هو الدافع القوي لتخطي عقبات القادم من الأيام.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *