(العادات سيادة بلا قانون)
العادات سُنة من سُنن البشر ، والتقاليد موروث يتوارثه أبناء المجتمعات ذات الإرتباط الوثيق بالماضي حد التقديس للإرث الذي خلّفه اسلافهم ، ومابين هذه وتلك رابط وثيق يمتد من حيث يكون الانسان الى اعماق الماضي القريب أو السحيق ، وربما يلعب المُقدّس للعادات والتقاليد دورا رئيسا في إمتداد ما ورثه من اسلافه حتى يصل به لمستقبل احفاده ويضمن استمراريته من خلال تلقين الاجيال الناشئة ضرورة الحفاظ على الجزء الثمين القادم من الماضي بغض النظر عن صوابه من عدمه ،
وهذا ما يجعل دور العقل دون التمييز بفعل الإيحاءات السلبية التي انتقلت دون وعي بين الاجيال جيلا بعد جيل ، وما زاد الأمر سوءاً ، اعتقاد البعض ان العادات غير قابلة للتعديل والتطوير والتحسين ، وأن النفي الاجتماعي هو مصير كل من يحاول المساس بها. دون الوقوف على حقيقة هذا الاعتقاد السائد والتثبت من منطقيته من أجل فلترة صحية تضمن لنا موروثا إيجابيا صالحا للزمان متوافقا مع إيقاع العصر الحديث وجيله الجديد .
لاننكر ابدا أن العادات والتقاليد جزء من هويتنا وإرثٌ نعتز بالصالح منه ، فهي صوت الماضي الذي يتلو على مسامع حاضرنا ثقافة اجيال مضت كان لها عظيم الفضل في تأسيس هوية مجتمع محافظ متمسك بدينه ، راسخة مبادئه ، يعتز بارتباطه الوثيق بماضيه ، بل إن كثيرا من العادات والتقاليد في مجتمعنا مستمدة من الكتاب والسنة ، تُعزز الفضيلة وتستحث النخوة والكرم العربي الاصيل ،
ما جعل التكافل على سبيل المثال سِمة مميزة لهذا المجتمع وعملا نبيلا منقطع النظير، والشواهد كثيرة كالمعونات التي تقدم للمقبل على الزواج ، و السعي في حل الخلافات ، واكرام الضيف تلك الصفة التي تميز بها العرب دون غيرهم .
ولا ننكر ايضا أن جزءاً من موروث العادات والتقاليد ندبات سوداء في جسد المجتمع الذي يعتنقها، لما لها من إنعكاسات سلبية ، إما لإنها بُنيت على خطأ او لأنها لم تعد صالحة لهذا العصر الاكثر انفتاحاً وايجابية ، كعضل الفتاة عن الزواج ، او رفض زواجها من غير ابناء عمومتها طاعة لتقاليد بالية واعراف مُهترئة ،
حتى وإن كان ابن العم يفتقد الكفاءة ليكون زوجاً مناسباً لها ، ومثل هذا التقليد الأعمى للماضي الاقل وعياً لايمُت للدين أو العقل بصلة لما فيه من فساد حضاري وإفساد اجتماعي لا يُفرز إلا نتائج سلبية لا تُلائم العصر ولا تواكب العقول التي تعمل جاهدة على احداث التغيير من أجل بناء مجتمع قادر على إثبات هويته ووجوده بجدارة في قائمة الرقي العالمي ومواكبة التنامي الثقافي للشعوب التي تسعى حثيثا لإثبات وجودها بأناقة على خارطة الإنسانية .
التصنيف: