[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] دـ . مفتاح محمود زعيليك [/COLOR][/ALIGN]

حقيقة الأمر ينظر العالم اليوم إلى استخدام الطاقة النووية على إنه قمة التطور فمن كان يرغب المشاركة في اللعب في الساحة الدولية ماكان أمامه إلا القيام بالبحث في المجال النووي وفي دراسة أسرار هذا المجال يأتي ما نسبته 20% اليوم من الكهرباء في الولايات المتحدة الأمريكية من مصادر نووية .أما عالمياً فإن 12% من الكهرباء في العالم تأتي من مولدات نووية وتحصل فرنسا على سبيل المثال على 77 % من الكهرباء من الطاقة النووية ، وبلجيكا على 56% والسويد 49 % وهناك 442 مفاعلاً قيد العمل منتشرة في العالم .
فرنسا هي الدولة الوحيدة في غرب أوروبا التي مازالت تبني معامل نووية . ومن المتوقع أن تتوسع صناعة الطاقة النووية في آسيا بشكل ملحوظ في المستقبل القريب فهل يمكن للطاقة النووية أن تنتهي كما هو الحال في الطاقة الناتجة عن للنفط ؟ الطاقة النووية وفيرة فهي تؤمن مصدراً غير محدود للوقود.. فمفاعلات التخصيب التي تعيد معالجة الوقود المصروف أيضاً نظيفة فهي لاتسبب التلوث ولاتبعث غاز ثاني أكسيد الكربون وكميات الفضلات الناتجة صغيرة جداً وستحل مشاكل التخلص منها ما أن يتم إيجاد مخازن دائمة . كذلك يمتلك الوقود النووي طاقة عالية الكثافة أكثر من أي وقود معروف إضافة إلى ذلك فإن الكهرباء النووية غير مكلفة . أيضاً الطاقة النووية آمنة لدرجة تفوق ما يتصور البعض وهي تصبح أكثر أمنا مع الوقت و عدد الأشخاص الذين يموتون جراء حوادث نووية أقل بكثير من عدد الذين يموتون جراء تحطم طائرة ،وستعمل التقنية المتقدمة مع الوقت على جعل القدرة النووية آمنة 100% في المستقبل . مع هذا عندما يتم دراسة كل ماسبق ذكره . فإن التزود بالوقود النووي غير محدود فقط إذا تم استخدام مفاعلات تخصيب سريعة لإنتاج البلوتونيوم الذي يعد من أشد المواد سُمية وهو يستخدم في صناعة الأسلحة النووية غير أن هذا النوع من المفاعلات صغير وباهظ التكلفة بسبب الحاجة إلى أنظمة حماية خاصة . يُولد هذا النوع من المفاعلات درجات حرارة عالية جداً وبكميات كبيرة في حيز صغير وللتخلص من هذه الحرارة تستخدم معادن مصهورة « صوديوم سائل » وبناء مفاعلات تتميز بهذه المواصفات مكلف جداً .
هذا يجعلها أيضاً عرضة لحرائق كبيرة وإغلاق لفترات طويلة مثلاً مفاعل (سوبر فينيكس ) الفرنسي عمل لأقل من سنة خلال السنوات العشر الأولى بعد أن تم تجهيزه على الرغم من سعي فرنسا وبريطانيا للحصول على برامج تخصيب لعدة عقود فإنهما تسعيان لبناء مفاعل مونجو الذي توقف بسبب حريق الصوديوم الذي حصل في شهر أي النار من عام 1995مسيحي غير أن روسيا من بين كل الدول التي بنت مخصبات وقامت بدعم التطوير في هذا المجال . ويمكن إعادة معالجة الوقود المستنفذ ليأخذ شكلاً يعرف باسم
Mixed oxide) ( MOXالأكسيد المختلط وهو عبارة عن مزيج من أكسيد البلوتونيم وأكسيد اليورانيوم . يمكن لوقود الأكسيد المختلط والمعالج ثانية أن يستخدم بديل لوقود اليورانيوم التقليدي في معامل الطاقة مع ذلك لم يتم إنشاء إلا معملا أكسيد اليورانيوم المختلط وكلاهما شكل كابوساً بيئياً ومالياً .ليتم الحصول على اليورانيوم « الوقود المعتمد في المفاعلات التقليدية» من المناجم ويوجد بكميات محدودة . وتمتلك الولايات المتحدة ما يكفي من اليورانيوم لتزويد مفاعلاتها النووية الموجودة بالوقود لمدة 40سنة قادمة ..
أعمال التنقيب هذه كثيرة النفايات وتسبب التلوث وخطيرة وقد اتلفت مناجم اليورانيوم في (نيومكسيكو) ألاف الهكتارات من الأراضي وسممت العمال وعائلاتهم الذين يعيشون في المنطقة كان هذا حادثاً مرعباً وأحدث وصمة في السجل الصناعي الأمريكي والأدهى من ذلك أن معظم المواد اللازمة لاستخراج اليورانيوم تأتي من النفط كما تنتج كمية أقل من الطاقة الصافية . صحيح الطاقة النووية الناتجة من التفاعلات النووية المتسلسلة تعتبر نظيفة لاتبعث أي كمية من غاز ثاني أكسيد الكربون على الإطلاق ولكن استخراج خامات اليورانيوم وتكريرها وتركيزها لجعلها قابلة للانشطار عملية تسبب تلوثاً كبيراً فإذ ما أخذت دورة الحصول الكاملة على وقود بعين الاعتبار لوجدنا أن القدرة النووية تنتج غاز ثاني أكسيد الكربون بكمية كبيرة … إن التأكيد على أن النفايات النووية الناتجة قليلة ليس دقيقاً ، فكل مفاعل يطلق مقدار 1000/ طن بالنظام المتري من الفضلات ذات المستوى العالي والمنخفض كل عام ، وهي ليست كمية ضئيلة مع العلم أنها تسبب أخطاراً لعشرات الآلاف من البشر في السنوات القادمة . وهذا لا يشمل مصارف الماء الحاملة لنفايات خام اليورانيوم وهي مشعة وتصل إلى 100.000/ طن بالنظام المتري لمعظم معامل الطاقة النووية في العالم. هل يمكن لمشكلة النفايات النووية أن تحل بإقامة مخازن دائمة لها ؟ لم تنجح أي دولة بعد حوالي خمسة عقود من تطوير واستخدام الطاقة الذرية في إقامة مخازن دائمة للنفايات النووية العالمية المستوى وأيضاً نقل هذه النفاياا إلى المخازن يشكل مشكلاً إضافياً .
هل الطاقة النووية عملية ؟ صحيح أن الوقود النووي يمتلك طاقة عالية جداً لكن هذا ينطبق فقط علي اليورانيوم المفصول عن مخلفات التكرير والمعالج الذي يعتبر أكثر ضرراً من عمليات التنقيب على النفط والفحم والتكاليف المذكورة عالمياً اليوم للكهرباء التي تولدها الطاقة النووية هي تكاليف التشغيل فقط وتشمل الوقود والصيانة والموظفين .
وهنا تم إهمال تكلفة الأبحاث والتطوير وخزانات الوقود المستهلك .. حقيقة أن الأسعار الكلية مرتفعة حيث إن المعامل النووية اعتبرت غير قادرة على المنافسة وكذلك الشركة العاملة للصالح العام مثل شركة «pgj» في كاليفورنيا التي يجب أن يكلفها المستهلكون من أجل الأسعار القياسية المرتبطة بالذرة أيضاً ولهذا قررت ألمانيا مؤخراً تجميد العمل بالطاقة النووية لأسباب اقتصادية وبيئية إذا لم تكن الطاقة النووية رخيصة فهل هي موضع ثقة ؟ على ما أعتقد هي كذلك أكثر مما كانت عليه في العقدين أو الثلاثة العقود الماضية غير أن معامل الطاقة النووية معقدة للغاية فالعديد من المفاعلات قد تصيبها الأعطال وعندما يحدث خلل تقني ،فإن تكاليف الإصلاح قد تكون مرتفعة أكثر منها في معامل توليد من أنواع أخرى .
هل هي آمنة ؟ بما يتعلق بالعامة تكون السلامة الهم الأول فيما يتعلق بالطاقة النووية فلطالما شكلت إقامة معامل نووية تحدياً بسبب خوف العامة من تكرار حادثة (تشر نوبل) ويجب الابتعاد عن مناطق النشاط الزلزالي والمناطق الآهلة بالسكان « بسبب مشاكل الإخلاء » بينما تُظهر الإحصائيات أن عدد الذين قضوا في حوادث نووية هو عدد قليل ولكن إذا وقع حادث خطير فقد يمرض أو يموت الملايين جراء ذلك . ما تم تسجيله عن الطاقة الذرية طويل ومربك إنها حقيقة واقعة تلك التي تقول إن الصناعة تتطلب تشريعاً خاصاً لتحد من توفر معامل الطاقة الذرية في أوقات الحوادث الرئيسة أو أن التقنية كانت آمنة كما هي في معامل التشغيل العادية فلن يكون هناك حاجة لاتخاذ إجراءات إضافية وبعد أحداث الحادي عشر من الفاتح « سبتمبر » قام الكثير من المعلقين بالإشارة إلى أنه تم خطف طائرة ومن ثم جعلها تصطدم بمفاعل نووي ستكون الخسائر البشرية أكبر بكثير مما إذا استهدفت مباني العمل أو السكن ..
لقد تم وضع تصورات حديثة لتصميم مفاعل درجة حرارته عالية بمواصفات آمانٍ عالية ولكن هذه التقنية مازالت نظرية فلم تختبر بعد أو تجرب ، لقد عبّرت جماعة استشارات السلامة النووية التابعة لوكالة الطاقة الذرية الدولية عن هواجسها حول الادعاءات بأن الرداء الخزفي للوقود يمكن أن يحل محل بناء المفاعل العادي ، يتألف هذا الرداء من الجرافيت والذي له نقطة انصهار عالية ويحترق في الهواء « احتراق الجرافيت في كارثة (تشر نوبل) تماماً كما حدث في حريق ويند سكيل عام 1657 مسيحي لهذا من المهم عزل الهواء عن المفاعل للتأكيدات الحالية التي تشير إلى أن هذه التقنية آمنة 100% هي شبيهة بالإدعاءات التي صدرت في الخمسينيات من القرن الماضي بأن الكهرباء الناتجة عن الطاقة النووية رخيصة جداً .
كل هذه الاهتمامات مفيدة في التأكيد على أي درجة نجح تطبيق الطاقة النووية ولكن في تقرير هذه الجماعة ما يفيدنا أنه في حالة الابتعاد عن النفط والغاز يجب علينا الإجابة عن الأسئلة التالية:
هل يمكن للتقنية النووية أن تزداد بسرعة كافيـة ..؟
ما مقدار الطاقة الصافية ؟
إلي أى مدى يمكن أن تكون بديلة للنفط في استخدامها في النقل والزراعة والصناعة ..؟
إن تزايد إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية سيكون بطيئاً ومُكلفاً في الولايات المتحدة لاستبدال الكهرباء المتولدة عن طريق النفط واغاز الطبيعي سنحتاج إلى زيادة توليد الطاقة النووية بنسبة 50% الأمر الذي يتطلب بناء خمسين معملاً جديداً بنفسس معدل القدرة الحالي ، ولكن هذا لن يفعل شيئاً لتعويض الخسارة في الطاقة للنقل والصناعة والزراعة إذا ما أصبح النفط أقل ..
بما أن الفحم يستخدم عادة لتوليد الكهرباء فإن الطاقة النووية قد تكون بديلاً يمكن تصوره للفحم في تلك الحاجة يجب أن يزداد التوليد النووي بنسبة 250% وهذا يتطلب بناء حوالي 250 مفاعلاً للطاقة الذرية .
استخدام الطاقة الذرية بالنسبة لنا في الجماهيرية بديلاً للنفط أمر مثير وغير مجدٍ وعملية استبدال الكمية الكلية للطاقة المستخدمة إلى كهرباء يتم توليدة نووياً غير واردة على المدى البعيد علاوة على أن تكلفة الطاقة النووية التي تلزمنا نحن في الجماهيرية في بناء وكلفة مفاعل وأكثر وتخزين المخلفات وتعدين اليورانيوم.
وباقي الأمور التي تتطلبها عملية الإنتاج منخفضة إلى حدٍ ما.
وأخيراً بالنسبة للجماهيرية علي ضوء ما ماورد في هذا المقال يعتبر الانتقال إلى الطاقة النووية والتعويل على هذا المصدر فقط نتيجة لاستنفاد الوقود الأحفوري خطأ فادحاً فالتعويل على الطاقة الشمسية كمصدر أساسي أجدر لأنها متجددة كبديل عن النفط في العقود القادمة وهذا هو الطريق الصحيح وبالتالي استغلال كافة الإمكانات المادية والبشرية لهذا الغرض يعتبر مشروعاً استراتيجياً للأجيال القادمة
الزحف الأخضر الليبية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *