الشيخ عبد الرحمن السميط .. رجل بأمة

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]عبد العزيز حنفي[/COLOR][/ALIGN]

فقدت الأمة الإسلامية بل والإنسانية رجل بأمة انتقل إلى رحمة الله يوم الخميس 8 /10/ 1434هـ علم من أعلامها بعد مُعاناة طويلة مع المرض، ومسيرة حافلة في مجال الدعوة الإسلاميَّة والأعمال الخيريَّة، من أبرز الشخصيات التي عملت في مجال الخير ومساعدة المحتاجين والفقراء ، مؤسسة تنموية وخيرية ودعوية كبرى لا يوجد لها نظير ، الشيخ الدكتور عبد الرحمن السميط الداعية الكويتي المعروف ومؤسس جمعية العون المباشر – لجنة مسلمي أفريقيا سابقاً – ورئيس مجلس إدارتها ورئيس مجلس البحوث والدراسات الإسلامية.
كانت بداية رحلته مع العطف على الفقراء انه لما كان طالباً في المرحلة الثانوية في الكويت وكان يرى العمال الفقراء ينتظرون في الحر الشديد حتى تأتي المواصلات فما كان منه إلا أنه جمع هو واصدقاؤه المال واشترى سيارة قديمة وكان كل يوم يوصل هؤلاء العمال مجاناً رحمة بهم ،كان يحمل هم الدعوة إلى الله منذ أن كان طالباً ففي الجامعة كان يخصص الجزء الأكبر من مصروفه لشراء الكتيبات الإسلامية ليقوم بتوزيعها على المساجد، وأثناء دراساته العليا في الغرب كان يجمع من كل طالب مسلم دولارًا شهرياً ثم يقوم بطباعة الكتيبات ويقوم بتوصيلها إلى جنوب شرق آسيا وأفريقيا وغير ذلك من أعمال البر والتقوى.
قبل أن يصبح ناشطاً في العمل الخيري، كان طبيبا متخصصاً في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي وكان الدكتور السميط (يرحمه الله) طبيباً إنسانيًا، إذ عُرف عنه تفقده أحوال المرضى، في أجنحة مستشفى الصباح -أشهر مستشفيات الكويت – وسؤالهم عن ظروفهم وأحوالهم الأسرية والاجتماعية والاقتصادية، وسعيه في قضاء حوائجهم، وطمأنتهم على حالاتهم الصحية، بعد أن ينتهي من عمله المهني.
شارك في تأسيس ورئاسة جمعية الأطباء المسلمين في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا 1976 م كما شارك في تأسيس فروع جمعية الطلبة المسلمين في مونتريال 1974- 1976، ولجنة مسلمي ملاوي في الكويت عام 1980 م، واللجنة الكويتية المشتركة للإغاثة 1987 م، وهو عضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية، وعضو مؤسس في المجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، وعضو في جمعية النجاة الخيرية الكويتية، وعضو جمعية الهلال الأحمر الكويتي، ورئيس تحرير مجلة الكوثر المتخصصة في الشأن الأفريقي، وعضو مجلس أمناء منظمة الدعوة الإسلامية في السودان، وعضو مجلس أمناء جامعة العلوم والتكنولوجيا في اليمن، ورئيس مجلس إدارة كلية التربية في زنجبار ورئيس مجلس إدارة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في كينيا ورئيس مركز دراسات العمل الخيري.
مارس الدعوة في قارات العالم في الأسكيمو وفي العراق دعوة تحمل في مضامينها وعياً حقيقياً برسالة الإسلام، في المحبة والتسامح والبذل والعطاء، دعوة طابعها العمل الإنساني الخالص الذي يكرس مبدأ الرحمة الذي جذب الملايين للإسلام ؛ فقد كان الدكتور السميط (يرحمه الله) من المؤمنين بأن الإسلام سبق جميع النظريات والحضارات والمدنيات في العمل التطوعي الاجتماعي والإنساني.
انتهى به المسار إلى احتراف العمل الخيري بعد أن شعر بلذة ومتعة مساعدة الآخرين الذين هم في أمس الحاجة إلى الحد الأدنى من ضرورات الحياة وخاصة المجتمعات المهمشة في أفريقيا.
ترك الدكتور السميط (يرحمه الله ) حياة الراحة والدعة والحياة الرغيدة وأقام في أفريقيا من ثم لحقت به زوجته ليعيشا بين الناس في القرى والغابات ويقدمان لهم الخدمات الطبية والاجتماعية والتعليمية وكان أبناؤه يحضرون خلال إجازة الصيف لمساعدة والديهم لمساعدة المحتاجين.
كان يقدم مشروعات تنموية صغيرة مثل فتح بقالات أو تقديم مكائن خياطة أو إقامة مزارع سمكية، فهذه تدر دخلاً للناس وتنتشلهم من الفقر، وغالباً تترك أبلغ الأثر في نفوسهم فيهتدون إلى الإسلام أسلم على يديه أكثر من 11 مليون شخص وعشرات الألوف من القبائل بأكملها وزعماء قبائل ودعـاة لأديان أخرى أسلموا فتحولوا إلى دعـاة للإسلام أسلمت هذه الأعداد لما رأوا من أخلاقه وحبه للفقراء في الوقت الذي كانت فيه بعض الجمعيات التنصيرية لا تعطي الطعام أو تعالج الفقراء إلا أن تشترط عليهم الدخول في المسيحية. . لم يفرق السميط يوما قط بين مسلم وكافر طيلة عقود عديدة في القارة الأفريقية الفقيرة، فهو لم يطعم المسلم ويحرم الكافر بجانبه بل جعلهم سواء لأنهم مشتركون بحق الإنسانية. كرس وقته وجهده لخدمة الإنسان بعد أن قضى أكثر من ثلاثين سنة في إفريقيا.. وساهم في مد يد العون لهم من خلال توفير المسكن والعمل والمستشفيات والمدارس والمساجد ودور الأيتام وحفر آبار المياه وغيرها من الاحتياجات.
كان ـ يرحمه الله ـ لا ينتظر شكراً من أحد ولا يسعى إليه ، فقد كان يقول لمحدثيه: نحن لا نرغب في أن يمنحنا البعض شهادات في عمل نتقرب فيه إلى الله .. لا تفيدنا ولا تغنينا في الآخرة.
نال عدداً من الأوسمة والجوائز والدروع والشهادات التقديرية ومن أرفع هذه الجوائز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام والتي تبرع بمكافأتها ــ 750 ألف ريال سعودي لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء إفريقيا.
وأصبحت جمعية العون المباشر التي أسسها هناك أكبر منظمة عالمية في أفريقيا كلها. يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب وطالبة وتمتلك أكثر من أربع جامعات وعدداً كبيراً من الإذاعات والمطبوعات وقامت المنظمة بحفر وتأسيس أكثر من (8600) بئر وإعداد وتدريب أكثر من (4000) داعية ومعلم ومعلمة ومفكر خلال هذه الفترة ,وتحول الآلاف من طالبي الصدقة والزكاة إلى منفقين لها بكل جدارة فقد طبق المنهج الإسلامي الواسع في التنمية المستدامة للأمم والشعوب.
ظل الدكتور السميط (يرحمه الله) يعمل رغم تقدمه في السن وثقل حركته والامراض التي كان يعاني منها وقال: \”سألقي عصا الترحال يوم أن تضمن الجنة لي، وما دمت دون ذلك فلا مفر من العمل حتى يأتي اليقين فالحساب عسير.\” شخص ترك الدنيا وراءه وانطلق إلى الأمام في خدمة الإسلام والمسلمين في أنحاء العالم ضحى بشبابه وعمره من أجل الفقراء والضعفاء والمساكين وارتبط بهم وعاش معهم. ارتبط اسمه بالقارة الأفريقية وصار معروفاً لدى الكثير من دول القارة السمراء عاش فيها كداعية ومربي وأب للأيتام عايش حالة الناس فيها وساهم في تخفيف معاناتهم ، اجتمع على محبته وثنائه جميع الأطياف الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية، الإسلاميون والليبراليون والمستقلون، مدرسة تتعلم منها الأجيال الكثير الكثير.نسأل الله تعالى أن يسكنه فسيح جناته ويلهمنا وفقراء أفريقيا والمحتاجين الصبر والسلوان .. \”إنا لله وإنا إليه راجعون\”.
وبالله التوفيق
رئيس خيركم بمحافظة جدة

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *