[COLOR=blue][ALIGN=LEFT]د. هند باغفار[/ALIGN][/COLOR]

أن تكون فناناً يعتبر تميزاً ولكن يكون تميزك معبر لو كان نوع الفن الذي تمارسه مفيدا لكل من حولك ..تذكرني هذه القصة بقصة الرجل الذي جرب ممارسة فنه أمام الخليفة هارون الرشيد فألقى إبرة صغيرة في منتصف المجلس ثم قذف ببراعة لا تضاهى مجموعة من الإبر حولها بحيث كونت دوائر جميلة عندها هتف له كل الحاضرين واستحسنوا عمله فأمر الخليفة بمكافأته بمائة دينار ثم جلده مائة جلدة فاستغرب الحاضرون رضا الخليفة وغضبه ولكنه قال كافأته لمهارته وأمرت بجلده لأنه صرف هذه المهارة في شي لا ينفع المسلمين بشيء.
منذ طور الطفولة اهتديت بالفطرة على ممارسة الكثير من الفنون ولكن ما استحوذني منها وملأ علي جوانحي تصنيع الشموع منذ مطلع السبيعينات لم تكن خامات الشمع متاحة في بلادنا فلجأت إلى تصنيعها وكنت أجلب زيوت البارافين والستيارين من لبنان وأصنع القوالب من الطين واستعمل الألوان من مسحوق تلوين الطعام وزاملتني الشموع في جميع مراحل حياتي حتى بعد أن غدت صناعتها وارفة وأصبح سهلا علي جلب كل احتياجاتي من الخارج وظهرت مواد أكثر تطوراً مثل مواد تنقية لون الشمع وتصفيته ودرجة الصلابة في الأجواء الحارة ومواد لإطالة عمر الشمعة وإضافة الكثير من المواد لها مثل الغازات الطاردة للبعوض أو الروائح العطرية الخ ولكن متى ظهرت الشموع في العام والتي قيل عنها أن اجمل ضوء يظهر جمال الإنسان هو ضوء الشموع.
ورد ذكر الشموع في الكتابات الرومانية في القرن الأول الميلادي حيث اعتبرها الرومان بديلا أفضل لقناديل الزيت تميزت في ذاك الوقت بزخرفتها تصنع من الشحم عديم اللون والطعم المستخرج من الحيوان أو الزيت النباتي مما جعل الشمعة في البدء صالحة للأكل وهناك دلائل تؤكد أن الجنود الرومان كانوا يقتاتون بمخصصاتهم من الشموع حين يعوزهم الأكل.وبعد قرون نرى أن موظفي المنارات في بريطانيا الذين ينعزلون شهورا طويلة يتناولون الشموع.
في أواخر القرن السابع عشر ظهر شمع العسل والذي تتجاوز قيمته ثلاثة إضعاف شمع الشحم ويتميز بضوء أكثر بريقا وسطوعا. وقد اعتمدت الكنيسة الكاثوليكية على شمع العسل لمدة طويلة. هناك نوع آخر اقل تكلفة وهو الشمع النباتي الذي كان يستورد من الصين، والشموع الخضراء المعطرة من الساحل الشمالي الشرقي لأمريكا.وفي عهد ظهور الكهرباء أنخفض الإقبال على استخدام الشمع ومع ذلك لم يختف تحول إلى بضاعة مترفة تستعمل في أرقى الحفلات تزين الموائد والصالونات وأصبح له مصانع كثيرة حول العالم وقوالب لا حصر ولا عد ولست أبالغ حين أؤكد أني زرت الكثير منها والكثير جدا ورأيت ما آلت غليه صناعة الشموع من ميكنة أدت إلى تطورها هذا التطور البديع ورغم ذلك ظل فنانو الشموع مميزين في العالم وتباع شموعهم بمبالغ طائلة والسبب مهما بلغ الجمال بشموع المكنة لاتباري في جمالها تلك المصنوعة يدويا .. شموع الماء والبلونات وقوالب الطين والعسل وقوالب التراب السافي وشموع الحبوب كالبقوليات وغيرها مما لا يسع لذكرها مساحة هذه الزاوية يكفي أن نتعلم من الشمعة فكرة التضحية حيث تحترق من أجل أن تضيء للآخرين المكان الشمع هذا السهل الممتنع حيث يكون سائلاً وبعد أن يجف يصبح صلباً لا يمكن قطعه بسهولة ومع ذلك تكفيه قبضة طفل يقذف به لتهشم ألا يقول لنا كل ذلك الكثير والكثير.
**وردة:
يحتفل الناس بالحب يوماً واحداً في السنة ويحتفل به قلبي كل يوم من أيام السنة
ليل وارف وضوء شموع ينير زوايا الفؤاد وأغنية مترفة تبحر من وتر
وأنت وأنا والحب بيننا ميعاد.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *