الشتائم لها جانب مشرق
يظهر أننا نتوجه لعالم مختلف من جميع الزوايا والاتجاهات، عالم محمل بالغرائب والعجائب، ذلك أن حتى القيم الأخلاقية باتت مهددة، ليس بالتصرفات السيئة أو بتزايد الأشخاص الذين هم على درجة متدنية من الأخلاق، لكن بسبب أن هناك أبحاثاً علمية تحثنا على أن نكون سيئين مثل أن نشتم ونسب! نعم.. هذا صحيح، بين يدي خبر قرأته من أحد المواقع على شبكة الإنترنت، عن دراسة أجرتها “جامعة كيل” البريطانية، توصلت إلى أن الشتائم تعطي الإنسان قدرة أكبر على تحمل الألم، بل وتخفف من وطأته عليهم، ليس هذا وحسب، بل إن رئيس فريق البحث الذي أجرى الدراسة، ريتشارد ستيفنز، شرح لنا أسباب القيام بمثل هذه الدراسة العلمية، فقال:” إن مصدر إلهام الدراسة كان عندما شعرت بالألم الشديد عندما ضربت أصبعي بالمطرقة عن طريق الخطأ، أثناء إصلاحي النافذة، مما دعاني لأن أشتم بقسوة، وهو الأمر الذي خفف من أوجاعي”. ولإجراء التجربة، قام ستيفنز وفريقه بإحضار مجموعة من المتطوعين، حيث طلبوا منهم أن يضعوا أكفهم في أوعية مليئة بالماء المثلج، وأن يصمدوا قدر المستطاع، مرددين شتيمة معينة. وبعد ذلك، طلب ستيفنز من المتطوعين بأن يقوموا بوضع أيديهم مرة أخرى في الأوعية، وأن يرددوا كلمة عادية، إذ تبين أنه عند ترديد الشتيمة تمكنوا من الصمود 40 ثانية أطول وهم يرددون كلمة مهذبة، ما دل على أن الشتائم تساعد على تقوية قدرة احتمال الألم عند الناس.
غني عن القول، أن الباحث الرئيسي يدرك البعد الاجتماعي السيئ في ترديد الشتائم والسباب، والذي في أحيان قد يكون موجهاً للآخرين، حيث قال:” رغم أن الشتائم لها وقع سيئ اجتماعياً، ويُنظر لها على أنها فعل مشين، إلا أن لها جانبها المشرق، وهو المتمثل بأنها قادرة على مساعدتنا على تنظيم أحاسيسنا، وهو تأثير مفيد بالفعل”. ليس هذا وحسب، بل إن عالمة نفسية أمريكية اسمها الدكتورة بولا بلوم، تقول:” هذه الدراسة تزيل الحاجر الأخلاقي الموضوع حول استخدامنا للغة، فنحن نحكم على الأشياء والتصرفات بشكل متسرع، وهو ما قد يتعارض مع نتائج الأبحاث العلمية، فنحن نعتقد أن الشتم أمر سيئ، ولكنه في الحقيقة ليس كذلك”.
في الحقيقة، ذهلت من نتائج هذه الدراسة لعدة أسباب، أولاً، لكونها تتعارض مع القيم الأخلاقية جملةً وتفصيلاً، وكذلك قد تتعارض مع الأنظمة والقوانين الإنسانية التي تفرض احترام للآخرين، والأهم، كونها، أي الدراسة، لم تكن عميقة، فكل ما حدث تجربة غير دقيقة لمجموعة من المتطوعين، يدركون سلفاً أن تحملهم قليلاً سيؤثر في نتائج الدراسة. فهذه الدراسة لم تتطرق لقياس الجانب النفسي والذهني لمن يشتم، وأخيراً، قد يعتبر البعض أن الشتم المقصود هنا هو تفريغ للشحنة النفسية المحتقنة بسبب ألم ما، وهي شحنة توجه لشتم الجوامد، وليس كائن حي، وهذا غير صحيح، فعندما تفتح المجال وتضع دراسة علمية، فستكون نتائجها شاملة، اليوم تسبب لك بالألم مطرقة، وغداً سيسب لك الألم صديقك أو رفيقك أو رئيسك في العمل أو أستاذك أو حتى والدك أو والدتك، فهل لتفرغ الألم تقوم بشتمهم؟ هنا خطأ، فهل أنتم معي؟.
التصنيف: