السيسي وتجديد الخطاب الديني

• د. منصور الحسيني

لم يلجأ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والذي تحتضن بلده الأزهر الشريف لطلب العلماء العمل على تجديد الخطاب الديني لولا أن استشعر أن خراب المنطقة التي مصر جزء منها سببه أخطاء في المدخلات أدت إلى هذه المخرجات القبيحة والتي جعلت الإرهابي يعتقد بأنه سيذهب للجنة لولا أن هنالك نصوص تم تدريسها له في غير سياقها جعلته يصدق هذا الاعتقاد الوهمي.
ومع إزدياد جرائم التفجير التي وصلت للمساجد لابد أن نتأكد من أن المصيبة لا تكمن فقط في من يستغل هؤلاء الرجال والنساء لتنفيذ مخططاته الإجرامية ولكن الأساس يقع في المرجعية الفكرية التي يعتمد عليها الفاعل والتي للأسف تنسب لكتاب الله وسنة رسوله ظلماً وبهتاناً، هنالك جميع آيات القرآن التي بها كلمة مشركون أو مشركين تختص بكفار قريش وهم ليسوا أنفسهم من أشرك من أهل الكتاب ونسميهم نحن مشركين، ولكن للأسف تؤخذ تلك الآيات وتطبق فحواها على كل أهل الكتاب وحتى المسلمين وهنا أحد مكامن البلاء.
هذا التحوير الظالم والاسقاطات التي تحدثها العاطفية الدينية الجياشة لبعض الآيات والأحاديث التي تُفهم بأنها تشجع القتال لجلب الناس للجنة أو معاقبتهم في الدنيا، يحتاج إعادة نظر وتصحيح، لأن المعتوه والمسُتغل لا يؤثر فيه الاستنكار والشجب ويريد من يقول له بوضوح نعم كان هنالك سوء فهم وجل من لا يسهو ويخطئ لأن حُرمة النفس أجل وأبقى من نص يُختلف في تفسيره فيجلب الوبال وتدمير الديار.
نحن أمام كارثة يزداد تفاقمها مع مرور الوقت لأن المجتمعات العربية بطبيعتها متدينة وتعيش لتلقى الله وترجو جنته، فإذا ما استطاع شخص موثوق به عند الناس أن يُقنع شابا بأن محاسبة الناس هي للناس في الدنيا وأن قتل النفس يعتبر جهادا وتقربا إلى الله يدخل الجنة، ولم يجد هذا الشاب أي جهة أخرى موثوق بها تنسف ما تلقاه الجاهل بالبرهان وليس أن تستنكره فقط، لهذا أحمل الفاعل الجزء الأيسر من المسؤولية ويتحمل الباقي من أفهمه ويصر على الاستمرار.
أهيب بالرئيس السيسي أن يطلب علماء المسلمين للاجتماع لما فيه مصلحة الأمة العربية والاسلامية التي أصبحت تقاتل بعضها بسبب مفاهيم دينية تناقض ما جاء به محكم التنزيل وما كان عليه الرسول الكريم، العالم كله في حاجة إلى مراجعة هذه المفاهيم بدون محاسبة من تسبب فيها لأن الهدف هو المستقبل وليس الماضي، أرجوكم فخامة الرئيس أجعله من أولوياتك وتأكد أنه سيكون أفضل عمل تعمله في الدنيا والآخرة.

عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *