السياسة العربية بعد الربيع العربي
هذه السياسة التي يصفها الخبراء بأنها فن الممكن، رغم انا في عصر الممكن المعقول لا يتحقق فيه إلا بشق الأنفس، وأن يلقى السياسي في زمن الزيف هذا نجاحاً، فلم تعد العلوم تهدي اصحابها الى حقائق في الحياة، لكثرة ما اصبح يعرض على انه فنون جديدة في عالم العصر الذي نعيشه،
ثم عما قليل نكتشف ان هذا مجرد وهم فليس تحت ما يقال اي علم يعتمد عليه، وأصبحت حتى الدول الكبرى تمارس تزيفاً عبر كل ما يصدر عنها، حتى اصبح عالمنا كالغابة التي لا ينتصر فيها الا من كان أكثر قوة وأعظم تزييفاً، انتهى الربيع العربي المزعوم بتهاوي انظمة، وضياع اوطان، وانتشار فوضى في كل مكان،
واكتشف الناس ان ما سمي ربيعاً انما هو مخطط مقصود به تغيير خرائط الشرق الأوسط العربي، بل ويمتد التغيير الى دول غير مرغوبة في شمال آسيا كانت مرتبطة فيما سبق بالاتحاد السوفيتي الذي خطط لان تصبح دولاً تابعة للقوى الغربية، وفي منطقتنا الثرية فككت دول كالعراق وسوريا وليبيا ومعد لمخطط لدول اخرى تلحق بها،
كما سبقتها الصومال وأفغانستان، ولعل ايران وتركيا ليستا بعيدتين عن ذلك ما لم يحسن سلوكهما مع جيرانهم ليتقويا بهم عما قد ينتظرهما من تفكيك مقوماته على الارض موجودة، والموجة القادمة من ثورات ملونة قد تأتي عليهما، وحتماً اليوم أوروبا التي مارست على دول الشرق مظالم عبر قرون منذ نهاية دولة الاسلام العظمى في الشرق، ولحوق الاتحاد السوفيتي بها بعد زمن طويل،
وانحصار القطبية في الولايات المتحدة والتي ساعدت اوروبا على بروزها كقوة عالمية، ارادت ان تخضع العالم كله لسيطرتها، فلما لم تحكم السيطرة، وكادت في عهد ادارتها السابقة ان تهوي كقوة عظمى وتسلم القيادة الى دولة او عدة دول اخرى تقف وراءها في الطابور لتصبح قوة عظمى مسيطرة، وتقوم بذات المهام وتحرك على رقعة الارض احجار الشطرنج كما حركتها من قبل دولة عظمى،
لعلها اليوم تستعد للتواري بعد ان فشلت في قيادة العالم ولعل روسيا اليوم تحاول ان تكون البديل، ولكنها وللاسف لا تملك المقومات لان تصبح القوة العظمى الجديدة، فلا اقتصادها المنهار يؤهلها لذلك، ولا حتى قوتها العسكرية ذات السلاح القديم الذي اصبح خارج منظومة الحرب العصرية، ولا صلتها بدول العالم تؤهلها للقيام بالدور الذي كانت تقوم به الدولة القطب،
الذي لا يتوقع لها ان تعود الى ما كانت عليه بعد الآن، وقد افشلتها ادارات متلاحقة، ثم هي اليوم تحبو لبناء سياسة يمينية لم يعد العالم يقبلها في هذا العصر، ودول الاتحاد الاوروبي، بعد خروج بريطانيا والتي قد يتبعها دول اخرى تخرج مثلها من الاتحاد الاوروبي ولا يبقى فيه الا دول معدودة قد تترأسها ألمانيا وتحاول عبرها بناء قطب جديد،
ونحن في عالمنا العربي والاسلامي لا ارى لنا تحركاً قد يجمع شتاتنا ليبني قوة لنا تمنع العدوان علينا بعد اليوم ثم تأسس لا اقول دولة واحدة، ولكن دولاً يجمعها علاقات وطيدة تمكنها من ارساء قوة اقتصادية تؤثر في العالم، وقوة عسكرية تمنع عنها اي اعتداء لنبني لنا مجداً جديداً يجعلنا في العالم قوة مأثرة لا تخضع لقوى تسمى نفسها كبرى او مهيمنة
واظن ذلك ممكنا ان استعطنا التفاهم والتقارب، ونحن نرى العالم من حولنا يضطرب وتنهار اركانه، أهي مجرد امنية يطلقها كاتب بعد ان رأى العالم من حولنا تنهار جوانب القوة فيه، فتمنى ان يكون بناءً لا هدماً وقد سبق لنا ان بنينا في العالم قوة مرهوبة، فهل نفعل هو ما ارجو والله ولي التوفيق.
ص. ب 35485 جدة 21488 فاكس 6407043
[email protected]
التصنيف: