محمد حامد الجحدلي

التحديات الحضارية التي تواجهها الأمة في مناحي الحياة اليومية تتطلب الكثير من الدقة والمرجعية المتخصصة والابتعاد عن التسرع في إصدار الأحكام حتى لا تكون مادة متداولة على شاشات الفضائيات مثيرة للجدل وقضايا الرأي خوفاً من الوقوع في أخطاء جسيمة تزيد من توترات المجتمع وخلافاته فيما بينه وبين أفراده وتطول الآخر بخلق عداءات أكثر تعنيفاً خصوصاً فيما يتعلق بأحكام فقهية لا تمت لثقافاتهم ومعتقداتهم الدينية بصلة الأمر الذي يعرضها حتماً للسخرية والتداول المبتذل ليس مع الآخر فقط وإنما من بعض من هم محسوبون على أمتنا الإسلامية بمصادر ثقافاتهم وتياراتهم الفكرية المتعددة فلابد من التأني والاستشارة من أصحاب الفضيلة العلماء فهم المعنيون بإصدار الأحكام الشرعية في قوالب معتدلة ووسطية تتناسب مع مبادئ هذا الدين وسماحته وتعدد مذاهبه وشموليته التي عُرف بها . هذه المقدمة تقودني للعودة لعنوان هذه المقالة \” الرؤية الأحادية \” الذي استقيته من محاضرة قيِِّمة لمعالي الدكتور محمود سفر وزير الحج الأسبق والأكاديمي المختص في طرح قضايا ذات صلة بواقع المجتمع وتطلعاته تلك المحاضرة المُعنونة \” الاعتدال ونواقضه مفهوم حضاري \” ضمن النشاطات المنبرية لنادي المدينة المنورة الأدبي الثقافي وأدارها الدكتور الشريف نايف الدعيس.مؤكدا أنه لا بديل عن الاعتدال والوسطية والالتزام الديني والنهضة الحضارية بسلوكياتها الجوهرية لاستحضار انفتاح العقول واتساع الآفاق وتطبيق مبدأ فقه الاختلاف والأخذ بالرفق وتبسيط الأمور وقسَّم التطرف لتطرف فكري ديني وتطرف فكري تغريبي وحدد أن الإشكالية تتمحور في انقسام المجتمع على نفسه بحيث تنشط تيارات فكرية تستثمر هذا الانقسام ويحاول أصحاب التيارات التسويق لأفكارهم وخلق بيئات جاذبة لاستقطاب أكبر عدد من المجتمع وهو ما يزيد من اتساع الفوهة بين أفراد المجتمع الواحد الأمر الذي يعيق تطور المجتمع وتتوقف مشاريعه الإنمائية وهذا تفسير وتحليل عملي لما حدث على الأرض بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حتى وإن فُرضت علينا عِنوة وإن كانت مجرد اتهامات واهية إلاّ أنها أثرت بصورة مباشرة على المراحل التنموية وزيادة الأعباء الحياتية على الأبرياء من بسطاء المجتمع وإن طالت الاتهامات ما كان يسمى بالأصوليين الدينيين الأكثر غلواً وتشدداً وسياسة التضييق والانغلاق والادعاء باحتكار الحقيقة المطلقة والرفض بقبول الرأي الآخر وتسفيهه وتحقيره وتجتمع هذه التصورات لرسم صورة داكنة معتمة كنتاج للرؤية الأحادية الضيقة ومن المؤسف أنها هيمنت على العديد من شرائح المجتمع الذين وجدوا أنفسهم تحت سيطرة وتأثير تلك العقلية محدودة التفكير والتي استحوذت عليها ثقافة الكراهية والقتل والتدمير ودفعت بدماء شبابها الثمن باهظاً.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *