[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR][/ALIGN]

في البداية كان يومي قبل خمس سنوات من هذا اليوم مفعم بالسعادة وراحة البال ، لكنه سرعان ما انكمش نحو الضيق وكآبة الصدر مع حلول المساء ؛ وبالتحديد عند الوهلة الأولى من دخولي إلي الإنترنت ! كل الصور ومقاطع الفيديو في مواقع التواصل الاجتماعي لا تشي بأمر غير الموت والغرق والدمار ، كنت أسمع جلبة مسجورة بأصوات غرغرة الغرقى وصياح المنقذين وانتحاب المفجوعين من خلف شاشة اللاب توب ، مرت أربع إلى خمس دقائق وأنا أحاول أن أستوعب ما يحصل ..كانت فترة انقطاع عن الوعي ظل فيها فكري متأرجحاً فوق حافة التصديق والتكذيب ، وما بين حد الحقيقة والخيال ، لكن لم ألبث في النهاية حتى أدركت أن المشاهد ليست من شرق العالم أو غربه إنما آتية من مدينة جدة ، كان ذلك مروعاً جداً – وأقسم لكم – ولن أنساه ما حييت .
لا تتخيلوا كم اتصال أجريته ورسالة أرسلتها تلك الليلة الموحشة للأقارب والأصدقاء ومن كنت أظن أنه كان في جدة ذلك الوقت ، ولا أشك أن جميع السعوديين في كافة المناطق كانوا على ذات الحالة من القلق وربما أكثر خاصة لمن كان قريباً في عالق في بؤرة الخطر ، إنه يوم الأربعاء الأسود الذي تحل علينا ذكراه اليوم الثلاثاء الموافق ( 26 نوفمبر 2013م ) .
في مثل هذا اليوم ( 26 / 11 ) نتذكر مدى بشاعة التعتيم الذي انتهجه إعلامنا المبجل حيال تلك الفاجعة وخاصة قنواتنا التلفزيونية ، وفي مثل هذا اليوم نتذكر أكثر من 120 شهيداً ، و350 مصاباً وآلاف السيارات المكدسة هنا وهناك ، وفي مثل هذا اليوم نتذكر اسم الباكستاني فرمان علي خان الذي أنقذ بكل بسالة وإيثار 14 نفساً من الغرق قبل أن يبتلعه عباب السيل شهيداً.
وفي هذا اليوم ( بعد خمس سنوات ) يطل علينا وجه الألم من جديد ليقول إنه ما زال علينا تذكر كل التفاصيل ..وتذكير الأجيال بها لا لتقليب المواجع إنما ليدرك الشرفاء والنزيهين في هذا البلد أنه لم يزل أمامهم الكثير لمداواة ما خلفته تلك الهلكة العامة والموت الجماعي،وأيضاً يذكرنا هذا الوجه الخامس للمأساة بحجم الألم ومقدار الأسى الذي قد يورثنا إياهما التغافل دائماً عن عبث العابثين وفساد الفاسدين أياً كان نوع وزمن ومكان ومجال فسادهم وعبثهم.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *