الجوف نقشٌ في ذاكرة التاريخ

• محمد حامد الجحدلي

هكذا هي منطقة الجوف منذ قدم التاريخ ، فمن شمالنا الغربي لأرض الوطن ، يأتينا نسيمها العليل ، يُضيف نكهة خاصة لكرم الضيافة ، وهي تُرحب بالقادمين إليها كما هي العادة المتجذرة في أصالة وبساطة أهلها ، وهي تقدم نفسها بتلك الحفاوة التي عُرفت بها ، فعلى مدى يومين متتالين من الأسبوع الماضي.
انتشت الجوف فرحة بكوكبة من العلماء والمؤرخين وقادة الفكر ، جاءوا إليها يحملون بين الثنايا ونبض القلوب ومشاعر الوجد ، وأمجاد التاريخ والحضارة ارث دول الخليج العربي وعبق الماضي العريق ، جاءوا وفي جعبة هؤلاء العلماء ورجال التاريخ ، الكثير من أوراق العمل من واقع تخصصاتهم الأكاديمية ، ما يمكنهم من طرحه في المداولات والنقاشات ، تؤكد أحقيتهم وجدارتهم بهذه المحافل .
وفي جلساتها العلمية بدءاً من الجلسة الأولى وانتهاء بالجلسة السادسة ، وما تخللها من حفل الافتتاح والكلمة الترحيبية بضيوف الملتقى ، لمعالي مدير جامعة الجوف الأستاذ الدكتور إسماعيل بن محمد البشري ، متمنيا لكل من شرف بالمشاركة والحضور أن يستمر بهم الزمن لما لا نهاية ، فللتاريخ وللمؤرخين المكانة وأي مكانة ، عندما تكون منطقة الجوف بأوديتها وخصوبة أرضها , وقراها ومدنها مجتمعة للنقش في ذاكرة التاريخ .
ومن خلال فعليات الملتقى أكدت بما لا يدع مجالا للشك تلك الجذور التاريخية ، التي جمعت أبناء ورجالات وسيدات دول الخليج ، عبر آلاف السنين لتشكل نسيجا اجتماعيا متجانسا ، في كل عناصره الثقافية ومكوناته التاريخية والاجتماعية ، أثبتت عبر هذه السنوات تكاملها في مختلف المجالات ، دفاعا عن مواقف مشتركة لقادة هذه الدول الخليجية .
تمثلت في وحدة الهدف والمصير ، ردا على كل الإرهاصات والأكاذيب المصطنعة ، التي لا يمل مروجوها من تكرارها صباحا ومساء ، لإحياء أهداف استعمارية صفوية قديمة ، لا زالت تمارس تهديدها كلما سنحت الفرصة لها ، باستثناء شواهد تاريخية أشارت ، بأحقية مجتمع دول الخليج العربي لحماية مكتسباتها وإنجازاتها الحضارية وموروثها التاريخي .
فهذا الإرث الحضاري والذي يمتد لأكثر من مائة ألف سنة ، كانت من أهم نتائجه الانصهار الثقافي المجتمعي وتبادل النفع العام ، من خلال معطيات سكان دول الخليج العربي ، بتكوين علاقات تجارية متبادلة ، مع العديد من دول مجاورة تجاوزت الجوار والحدود المناطقية ، للإبحار بواسطة السفن الشراعية لدول أكثر بعدًا ، عبر الممرات البحرية والمحيطات .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *