التّقسيمات الإداريّة .. ليست حدودا سياسيّة

• عبد الناصر الكرت

استمعت لحلقة من برنامج ( بدون شك ) الذي يقدّمه المذيع النّاجح محمد فهد الحارثي في ( قناة mbc ) وكانت تتحدّث عن مشكلة نقص الخدمات الصّحية بالعرضيّة الجنوبيّة التّابعة لمنطقة مكة المكرّمة , ومعاناة المواطنين من نقل مرضاهم إلى مستشفيات منطقة الباحة . ولن أتناول تلك المشكلة التي تحدّث عنها أهلها بصراحة متناهية , ولن أجسّد آلامهم أكثر منهم فهم أصحاب المعاناة اليومية التي تتطلّب حلولا عملية سريعة خاصّة وأن الصّحة من أهم المتطلّبات الأساسيّة ومن أهم واجبات الدّولة نحو مواطنيها .
ولعل المشاهدين والمستمعين والقراء – كذلك – الذين لا يعرفون موقع العرضيّتين الشّمالية والجنوبيّة يتساءلون باستغراب شديد عن الأسباب التي تدفع بالسّكان هناك للانتقال إلى مستشفيات منطقة إداريّة أخرى لا يتبعون لها , رغم أن منطقتهم بها أفضل المستشفيات على مستوى الدّولة تقريبا ونعني بها المستشفيات الكبيرة بمدينتي جدّة ومكّة.
وتزيد الدّهشة والاستغراب عندما يعلم الجميع أن سبب ذلك هو لبعد العرضيّتين عن مكّة المكرّمة عاصمة المنطقة الإداريّة التي تقتضي رحلة طويلة تزيد مدّتها عن أربع ساعات فيما لا تزيد المدّة عن السّاعة إلى محافظة المخواة ونصف ساعة أخرى إلى مدينة الباحة .
فالمواطن في هذه الحالة يتكبّد المشاق والمتاعب ليصل إلى العاصمة الإدارية للمنطقة , لمراجعة الإدرات والمستشفيات ونحوها , وقد يضيع عليه الوقت دون أن يقضي لوازمه ويضطر للمبيت بما يلحق به من خسائر ماديّة سواء ما تحتاجه المركبة أو ما يقتضيه السّكن في الفنادق والشّقق المفروشة … وقد يكون غير قادر على ذلك فتزداد المعاناة .
ونعلم أن السّبب الرّئيسي لربط العرضيتّين ومن بعدها القنفذة بالمنطقة الغربيّة في الأساس هو عدم توفّر الطّرق في الفترة الماضية , حيث كان الوصول إلى الباحة من القنفذة أو العرضيّتين يأخذ مسارا طويلا يمرّ بمكّة والعودة عن طريق الطائف مما يستغرق وقتا طويلا جدا ,. أما الآن مع فتح عقبة الباحة وغيرها من العقبات فلم يعد هناك مبرر لذلك الارتباط الذي لا يخدم المواطنين إطلاقا , بعد أن أصبحت الباحة أقرب إليهم كثيرا من غيرها .
وقد علمنا أنه جرت دراسة هذا الموضوع من قبل , وأن بعض وكلاء إمارات المناطق السّابقين كانوا ضدّ فصلها عن مناطقهم دون أي مسوّغ منطقي . ولأن التّقسيمات الإدارية بين المناطق ليست حدودا سياسيّة , ولأن خدمة المواطنين ومصلحتهم مقدمة عن غيرها كونها في أعلى قائمة اهتمامات الدولة , فإن من المناسب إعادة رسم التّقسيم الإداري لبعض المناطق بالمملكة بما يراعي مصالح السّكان , ومن ذلك ربط القنفذة والعرضيّتين بمنطقة الباحة , ولا شكّ أن ذلك سيكون محرّكا لنهضة تنمويّة جيّدة وسريعة , لا سيّما وأن الباحة تحتاج إلى اطلالة بحرية ، مما يجعل المنطقة عموما تعيش حراكا تنمويّا على مدار العام .. ويرفع مستوى السّياحة الصّيفية والشّتوية بما يخدم الوطن والمواطنين بشكل عام .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *