[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]احمد محمد باديب[/COLOR][/ALIGN]

عندما كنت أدرس مادة «كيف تنشر فكرة» وهي إحدى المقررات في شهادة الماجستير في الجامعة في امريكا كان من ضمن المنهج في هذه المادة هو أن تتعلم كيف تستخدم لغة الارقام لاقناع من تريد بفكرتك وكذلك يمكنك ان تعمل عمليا احصائية وتخرجها كرسومات بيانية احصائية قليل من الناس من يحسن قراءتها. وكذلك تستطيع ان تحلل هذه الرسومات البيانية وتخرج منها باستنتاجات علمية لا تخطر لاحد على بال الا اذا كان متخصصاً في علم الاحصاء كما تعلمنا كيف يمكن اعطاء ارقام بشكل عام تؤكد عملية الاقناع.
والحقيقة انني متعجب بالإخوة في وزارة العمل وفي غيرها من الجهات التي عملت مجهودات ضخمة لاقناع المواطنين والمسؤولين بأهمية تطبيق فرض مبلغ المائتي ريال شهرياً على كل عامل في المملكة من العمالة الوافدة ويلغي فرض هذه الضريبة وجود فرد سعودي مقابل كل فرد وافد مع بقاء الضريبة السابقة والتي كانت ثلاثمائة ريال على كل عامل بمسمى بطاقة العمل. فهل سيخلق هذا الفرض فرص عمل للسعوديين وبالمقابل سيقلل من عدد الوافدين؟ وهل يا ترى حقاً هذه المبالغ المحصلة ستضخ في برامج التنمية البشرية؟ وهل هذه الامور لن تؤثر على النمو الاقتصادي وتعطل المشاريع والتي اصبح اغلبها متأخراً بسبب نقص العمالة وسوء الرقابة والتغير في الاسعار… الخ.
ولنعد للارقام حيث خرج علينا المسؤولون بأرقام مرعبة حقاً، مليونا سعودي عاطلون عن العمل ، وثلاثة عشر مليون وافد على ارض المملكة يحولون الى دولهم في الخارج اكثر من مائة بليون ريال وان من يرى ويسمع بهذه الارقام يكاد يموت رعباً وخوفاً على بلاده وابنائها واقتصادها.
وانا ادعوكم تحليل هذه الارقام على ارض الواقع لقد ذكر المسؤولون ان 86% من العاطلين نساء منهن 26% يحملن مؤهلا جامعياً اما الباقي من هذه النسبة فإنهن لا يحملن هذا المؤهل وانما هي دون ذلك.
وبنظرة الى هذه الارقام افهم بأن الوزارة قد حصلت على هذه الارقام من الافراد الذين تقدموا الى ما يسمى حافز. ويفهم من ذلك ان كل فرد من افراد الوطن له زوجة وبنت أو اكثر لا يرغب ان تعمل تبعا للعادات والتقاليد التي يعيشونها راح يسجل في حافز ما عنده من النساء ليحصل على الفي ريال لكل واحدة فاذا قامت الدولة بتوفير الوظائف لهذا العدد من النساء يكون الرفض هو الجواب لان الحصول على الفي ريال بدون عمل افضل عنده من الحصول على مثلها او اكثر نظير عمل ومجهود وعليه فسيكون رفض هذه الوظيفة امراً طبيعياً فإن راحت تضغط عليه لقبولها راح يخلق الأعذار للرفض وتكون النتيجة الحصول على راتب بضعة اشهر لا تفرق مع الاكثرية ان كانت بوجه حق او بدون وجه حق فالحق وغير الحق موضوع اخر والنتيجة الطبيعية ان هذه البطالة ما هي الا مليون وسبعمائة وعشرون الف امرأة بلا وظيفة من هؤلاء اربعمائة الف امرأة تحمل مؤهلا جامعياً او ما يعادله يؤهلها على طلب الوظيفة وهناك حوالي مليون ومائتين وثمانين الف شخص عاطلون مسجلون في حافز اي هناك ستمائة وستون الف عاطل في المملكة بين ذكر وأنثى، وعلى هذا التقدير كم من هؤلاء يقبل ان يعين ابنه او زوجته او ابنته في منطقة غير التي يسكن فيها او في وزارة غير التي يريدها؟؟ اسئلة كثيرة ولا اجابات شافية.
وكذلك هناك اسئلة تخص الرجال.. كم من اولئك فعلا سيقبل بالوظيفة؟؟ وكم من اؤلك فعلا سيقبل بالتعيين في الجهة التي سيحول اليها؟؟ نفس الاسئلة ولا اجابات شافية.
انا متأكد ان الذين سيقبلون فعلا بالوظائف لانهم في حاجة لن يزيد بحال من الاحوال عن ثلاثمائة الف رجل وامرأة وسيتضح ذلك لاحقاً بعد ان يكمل نظام حافز سنته الاولى.
ان اعطاء هذا الرقم عن العاطلين في المملكة لاشك سيسبب تضاعفاً كبيراً لدعم نظام الضريبة على العاملين والوافدين من الخارج ولكن سيطرح تساؤلا لدى الدول في العالم اجمع؟
هل ان دولة كالمملكة العربية السعودية بكل ما فيها من امكانيات وبكل ما تقدمه من مساعدات فيها اكثر من عشرة في المائة من شعبها لا يجدون عملا واذا كان هذا التقدير يشمل القادرين على العمل فإذا اطلقناه ستصبح النسبة اكثر من عشرين في المائة في المملكة عاطلين، افليس في هذا العرض اساءة لهذه الدولة يعطي المجال في ايقاد نار الفتنة للمتربصين بنا الدوائر والعاملين على اشعالها؟؟ او ليس هذا العرض يخفي الكثير من محاسن هذه الدولة في انظار وافئدة محبيها في الخارج ويبدله بالشر الذي ليس هو فيها الا يعطي هذا العذر لمن ينفخ في الرماد ليذكي النار ويحرك الناس والدول ضد بلادنا؟؟ هل يعقل ان دولتنا هذه تقبل ان يكون فيها ثلاثة عشر مليون اجنبي يعملون فيها ولا يجد مليونان من مواطنيها العمل في بلادهم!!
ما هذا المنطق المزعج جداً كيف وكيف عرف المسؤولون ان هناك ثلاثة عشر مليون وافد في الوطن قدر عددهم من خلال هذه المعادلة على انهم اجانب يعملون فيها.
علينا ان نتأكد من هذا الرقم .. فكم هو اولئك الوافدون الذين يعملون في الوظائف المتدنية كخدم ومزارعين وسائقين… الخ؟؟ انا اجزم انهم يزيدون عن مليونين ونصف المليون وكم هم اولئك المتسللون من الدول الفقيرة المجاورة والذين لا يعملون بشكل رسمي في الدولة او في المرافق الخاصة او… الخ.
انا أجزم أكثر من اربعة ملايين وكم هم المرافقون لمن جاءوا الى العمل من زوجات او ازواج او ابناء .. الخ، انا اعتقد انهم على الاقل مليون شخص وهكذا نطرح التساؤلات لنخرج في النهاية بأن عدد العمال وغيرهم ممن ينافسون على الوظائف لا يزيدون عن مائة الف وظيفة على اكثر احتمال حيث ان الكثيرين يعملون في الوظائف المدنية التي لا يقبل السعوديون العمل فيها.
أيها الإخوة في وزارة العمل ايها الداعمون لهذه الضريبة ايها القائمون على هذا الامر ( يا أيها الذين أمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله ان الله خبير بما تعملون) سورة الحشر الآية (18) فأنتم تعطون فكرة سيئة عن بلادنا وتفسحون المجال للذين يريدونها فتنة ويؤججونها زوراً وبهتاناً.
اما فيما يخص التحويلات الشهرية للخارج فإن الخوض في هذا الموضوع هو تحصيل حاصل فهؤلاء الوافدون ما جاءوا الا للتكسب من العمل والانفاق على عوائلهم في بلادهم فمن حقهم تحويل مدخراتهم ورواتبهم خاصة واننا لا يستطيع الاجنبي ان يمتلك فيها ارضاً ولا بيتاً ولا اي شيء آخر.
إن لغة الارقام سيف ذو حدين فمن ناحية ممكن لها ان تدفع الكثيرين لتأييد قرارات خاطئة او صائبة ولكن من الناحية الاخرى قد تكون سبباً لاستغلال ما يترتب عن هذه القرارات لدفع اصحاب العقول المحدودة لاشعال نار فتنة قد يكون من الصعب جداً اطفاؤها، فهل هذا هو المطلوب؟!
إن ازدياد الضغوط على القطاع الخاص سيؤدي الى هروب رؤوس الاموال وتقزم الشركات الوطنية ورفع لتكاليف المشاريع وكل هذا سيؤدي لانكماش النمو الذي يوجد فرص للعمل.
واولا واخراً ان دولتنا رعاها الله قد زادها الله في الغنى فهي تساعد من نزلت به جائحة فلماذا لا نساعدهم على كسب عيشهم قبل ان تصيبهم هذه الجائحة ليكفوا ويكفونا حاجتهم؟
هذا ما ارى والله الموفق للصواب فإن اصبت فمن الله وان اخطأت فمن نفسي، فالله اسأل لنا ولكم التوفيق والسداد.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *