التفكيك للخطاب الإرهابي التكفيري

• أسامة يماني

إذا استطعنا تفكيك الخطاب الإرهابي نكون قد نجحنا في القضاء على التربة الحاضنة للإرهاب ، فالخطاب التكفيري احد أهم الأسباب التي انتجت القاعدة وداعش والتطرف والكراهية والإرهاب ، واستغل الإرهاب للمفردات والثقافة التي تنادي بكراهية الدنيا والتحذير منها والتخويف من العذاب بأنواعه كعذاب القبر إلى العذاب النوعي لتاركي الصلاة أو العذاب الخاص بالذين لا يحسنون الغسل من الجنابة أو الخارج من السبيلين. وللمعلوم اننا هنا لا نقرر صحة أو عدم صحة ذلك وانما نوضح ما يستخدمه الإرهاب من مفردات تتماشى وتتماهى مع كثير من طرح أهل السنة والسلفية، فتجد قبولاً داخل مجتمعاتنا لتقارب الطرح وبالتالي فلا غرابة أن كثير من المدافعين والمتعاطفين من خارج الجماعة التكفيرية هم الحضانة لهذا الفكر تمده بالمال والرجال وتحتضنه ثم تشتكي منه وكما قال الشاعر( أعلمه الرماية كل يوم…..فلما اشتد ساعده رماني) وهذا يفسر خروج هؤلاء التكفيريين من مجتمعاتنا الإسلامية. إن ممارسة إكراه الآخر في الأمور الخلافية وغير ذلك من أمور تمارس في حياتنا اليومية تجعل من مجتمعاتنا بيئة جاذبة وحاضنة لقبول الخطاب التكفيري والتعاطف معه. إن خطورة الخطاب التكفيري الإرهابي يظهر جلياً في قدرته على جذب الشباب الذي يعيش في أوربا والغرب والشرق بعيداً عن الأزمات الاقتصادية أو الاجتماعية لأن مفردات الخطاب الديني موجودة ومتداولة بين الجاليات الإسلامية مثل كراهية الدنيا وتكفير الآخر أوتفسيقه والمفهوم الخاطئ للجهاد الذي لم تراجع مفرداته ومصطلحاته وتجييش المجتمعات وغير ذلك من أفكار تم نشرها لسنوات عديدة فوجد الخطاب التكفيري تربة خصبة تتفاعل مع أطروحاته ولم يعد الإرهاب مجرد استثناء كما هو الحال في باقي المجتمعات وانما أصبح ظاهرة لها أنصارها ومؤيديها . فالشاب الذي تربى ونشأ في بيئة ترى أن المجتمع مليء بالحرام طبعا سيكون مادة خصبة لمثل هذه الجماعات الإرهابية وخطابهم التكفيري ، وخاصة أن مجتمعهم ينكر حق المخالف في الخلاف ومثال على ذلك الشاب اسلام يكن الذي تخرج من مدرسة «ليسيه الحرية» بهليوبوليس مصر الجديدة عام 2009، ثم درس في كلية حقوق جامعة عين شمس وتخرج فيها عام 2013. وسرعان ما التحق بداعش في سوريا. هكذا تجد هذه الجماعات التكفيرية الرجال لانهم مبرمجين بفكر يتلاقى مع كثير من طرحهم.
إن التماهي والتلاقي في كثير من المفردات واختزال الإسلام وضياع فكرة التنمية والبناء والإعمار والعدل والإحسان والضرب في الارض وابتغاء فضل الله ( الاتجار) وحب الزينة والحياة وحب الشهوات وضياع أصل من أصول في التشريع وهو البراءة الأصلية قال تعالى ( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ)(172)( سورة البقرة ) (فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون) [ 62 \ 10 ] وقوله تعالى(يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر) البقرة185. لتفكيك الخطاب التكفيري الإرهابي يجب البعد عن التكفير والتفسيق في الامور الخلافية وتشجيع المرأة لتشارك في بناء الوطن ونشر ثقافة النظر بشكل إيجابي للحياة ومباهجها والتي جعلها الله زينه لنا والتوقف عن قتل الفرحة والإيمان بخدمة المجتمع الذي جعل من إزالة الأذى عن الطريق صدقة والإيمان بأن التنمية والعمل والإعمار واجب على كل مسلم ومسلمة وعدم اللمز والإشارة لكل فكر يخالفهم بأنه هدم للدين والتوحيد والسنة والشريعة والفضيلة بمثل هذه المقولة عطلت الاصلاحات ووضعت أمامها العقبات ووجد فيها الإرهاب حضانة وتربة صالحة للنمو والتكاثر .

 

@osamayamani

التصنيف:

One Response

  1. مقال رائع لاستاد والكاتب الكبير أسامة يماني وكما يقولون لافض فوك قمت بتاصيل الداء ووصفت الدواء والمقال ينم عن حس وطني وقومي لدى الكاتب ..لقد جمع المقال فاوعی بورك القلم وصاحبه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *