التعاون الخليجي .. قرارات في ذمة الوقت
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]ناصر الشهري[/COLOR][/ALIGN]
في استعراض سريع لمسيرة مجلس التعاون الخليجي نجد أن الإنجازات مازالت دون مستوى الطموحات التي يتطلع إليها أبناء المنطقة، وذلك بالنظر إلى عمر المجلس الذي بدأ عمله منذ عام 1401هـ، ورغم إيماننا بأن الميثاق الأساسي لا يفصل هذا التجمع الإقليمي عن جامعة الدول العربية، ولا يصادر حرية القرار لأعضاء المجلس تجاه كل المنظمات الدولية، وذلك من منطلق السيادة والاستقلال الكامل وأحقية المصالح الخاصة لكل دولة في علاقاتها مع العالم.
إلا أن ما يهمنا في الخليج هو ما يتعلق بالمراحل التي يمكن القول إنها أفضت إلى إنجازات على الأرض يلمسها أبناء المنطقة، على ضوء الكثير من القرارات والبيانات التي صدرت عن المجلس عبر تاريخه الذي بلغ 30 عامًا، وهي قرارات عكست طموحات قادة المجلس وتطلعاتهم ليبقى التنفيذ مرهونًا بعمل الدوائر المختصة والأمانة العامة في منظومة التعاون التي لم تتفاعل بعد في تنفيذ هذه القرارات.
وإذا كانت الدول الأعضاء قد واجهت تحديات صعبة سواء من الناحية السياسية أو العسكرية أثناء الحربين (الأولى والثانية) في الخليج ـ وهي تحديات أثقلت اقتصاديات هذه الدول ـ فقد نجحت بالمقابل في الحفاظ على أمنها واستقرار شعوبها، وهي تجربة كان لابد أن تفرض واقعًا مختلفًا أساسه الانطلاق نحو تكامل خليجي أكثر قوة لبناء التنمية المستدامة من خلال الدخول في مشاريع مشتركة تؤدي في النهاية إلى القضاء على البطالة بعيداً عن الاعتماد على المؤسسات والكوادر الأجنبية، والعمل على التأهيل وتوطين الخبرات لأبناء وبنات دول الخليج، خاصة أننا لو استعرضنا حجم التحويلات النقدية اليومية إلى الخارج من هذه الدول لوجدنا أنفسنا أمام أرقام (فلكية) مذهلة، في حين تتزايد أرقام البطالة، وهو مشهد لا يمكن أن يختفي ما لم يكن هناك استراتيجية فاعلة تهدف إلى التكامل الاقتصادي الذي يأخذ في الاعتبار جانب الاستثمارات والمشاريع المشتركة، واندماج الموارد البشرية في التوظيف والعمل، وتجاوز الروتين والبيروقراطية في شكلها القديم، والعمل على تحديث المؤسسات الخليجية طبقًا للمواصفات التي تتفق مع المرحلة.
ولعل الاتفاق الذي صدر عن الاجتماع التشاوري في الرياض ـ والذي قرر إنشاء مجلس نقدي ـ هو من أهم إنجازات المنظومة الخليجية، حيث إن قيام بنك مركزي لدول ذات ثقل نفطي هام سيضعها في موقع أكثر تأثيرًا في اقتصاديات دول المنطقة وهو ما يدفعنا إلى التفاؤل نحو مستقبل يجسد أهداف التعاون في ظل التحديات الاقتصادية الخطيرة التي يشهدها عالم اليوم.
فهل سيتم تفعيل قرارات المجلس أم أنها ستبقى في ذمة الوقت؟
التصنيف: