التدريب «زمّار الحي لا يطرب»!

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR][/ALIGN]

وشهد شاهد من أهلها، بل هي (أهلها) فقد أخبرتنا المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بأنها «تتحرك لاحتواء أزمة ضعف مخرجات التأهيل والتدريب وتقريب الفجوة بين التدريب وسوق العمل، وذلك بالاستعانة بجامعات عالمية، لتقديم برامج تدريبية للطلاب والطالبات تؤهلهم للتنافس على الفرص الوظيفية التي يسيطر عليها 7 ملايين وافد، حيث تتنافس 50 مؤسسة علمية من كبرى الجامعات والكليات والمعاهد العالمية لعقد شراكة معها تستهدف تدريب 250 ألف شاب وفتاة خلال 25 عامًا بمعدل 10 آلاف سنويا لمدة عشر سنوات، وأن بمقدور أي شاب وفتاة التدريب دون الحاجة للسفر إلى الخارج».
بصراحة لا أعرف من أين أبدأ (الكلام) عن هذا (الكلام) فالمؤسسة بكل تاريخها وإمكاناتها ومراكزها ومعاهدها (الألف) تعترف بأنها في (أزمة مخرجات) والله يكفينا كل أزمات مدخلات ومخرجات التعليم العام، والعالي، والتقني والمهني، فكل طرف يشكو الآخر، وسوق العمل يشكو من التعليم بكافة فئاته، وهناك من هو غير راض عن سوق العمل والتعليم معًا، فماذا بقي إذن؟!
ما فهمته أن هذا البرنامج هو شراكة تسمح بالترخيص لخمسين جهة تعليمية وتدريبية أمريكية وكندية وبريطانية ونيوزيلندية للعمل في مختلف المناطق، و طبعًا ستنافس مراكز التدريب الأهلية المنتشرة والتي لا نرى لها طحينًا ولا خبزًا، وهذا يمثل اعتراف من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بضعف مخرجاتها، حيث تحتاج إلى خبراء عالميين لتأهيل طلابها وتمكينهم بالكفاءة اللازمة، ليحلوا مكان العمالة الرديئة من الوافدين الذين تسلل الكثير منهم إلى سوق العمل بتجارة التأشيرات، وجلسوا ومددوا فيه طويلًا.
ثمة أمر آخر يحتاج إلى توضيح، وهو: هل تدريب 250 ألف خريج مستهدف بعد 25 سنة، سيجعل منهم رقما يذكر مقارنة بأعداد الخريجين السابقين واللاحقين؟
إن الأمر برمته يحتاج إلى شرح وحوار هادف، لا إلى حلول مستوردة جاهزة التفصيل، فالنتائج دائما لا تقاس إلا بالواقع مهما كانت مثاليتها على الورق، والدليل الفجوة المزمنة مع سوق العمل.
ومع كل التقدير للمؤسسة العامة للتدريب وبرنامج الشراكة للاستفادة من الخبرات العالمية، ولكل خطوات تعزز التنمية البشرية الحقيقية، إلا أن السؤال المزمن بعد كل هذه السنوات: أين تجربتنا في التدريب والتأهيل في ظل اقتصاد – ولله الحمد – قوي ومتصاعد، وتنمية حديثة طموحة؟! والسؤال المحرج: لماذا الإصرار على أن (زمّار الحي لا يطرب) أم أنها (عقدة الخواجة) التي استسهلنا اللجوء اليها كوصفة سحرية لتصحيح عثراتنا في تحقيق أهداف كبيرة اعتدنا أن تتصدر ديباجة القرارات والخطط، ثم نكتشف على طريقة الأندية الرياضية بأن ملايين الريالات طارت مع المدربين والخبراء الخواجات.
نتمنى أن لا نصل إلى هذه النتيجة مع برنامج المؤسسة العامة للتدريب، ونسأل الله أن يبلغنا الآجال لنعرف بعد عمر طويل: كم جنى الخواجات في ربع قرن؟ وماذا بقي من أثر؟ أم هو رزق الخبراء على الطيبين؟!
كاتب وباحث أكاديمي
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *