(البانجو) ومئوية القانون الدولي

• عبدالرحمن آل فرحان

[COLOR=blue]عبدالرحمن آل فرحان[/COLOR]

(بكرة ) هو اليوم العالمي لمكافحة المخدرات ، والحشيش هو أحد أبرز أنواعها والذي يصنفه الكثيرون على أنه الأكثر رواجاً بين الشعوب ، وتعد أوروبا أكثر المناطق في العالم طلباً للحشيش بحسب العديد من المصادر والتي كان آخرها في شهر مايو الماضي حيث ضبطت الشرطة الإسبانية ما يربو على 52 طناً من الحشيش في شحنة واحدة وقبلها في قبرص بحوالي 32 طناً ، وقبلهما في اليونان بحوالي 30 طناً ، ويعزو الكثير من الخبراء ذلك لكون أوروبا منطقة الجذب السياحي الأولى في العالم ، الأمر الذي يجعلها في مقدمة الخيارات للمنتجين رغم أن أوروبا حديثة عهد بالحشيش مقارنة بالبلدان العربية مثلاً ، فلم تكن تعرف عنه شيئاً حتى بداية القرن السابع عشر كما ورد في كتاب الدكتور مصطفى سويف ( المخدرات والمجتمع .. نظرة تكاملية ) ، الأمر الذي يضعنا أمام هذا السؤال : كيف عرفت أوروبا وبقية أقطار العالم آفة التحشيش ؟ للجواب على هذا السؤال يفرض علينا العودة إلى أصل هذه المادة المخدرة ، وهو نبات ( القنب الهندي ) والاسم العلمي له (كانبيس ساتيفا cannabis sativa ) الذي يعود اكتشاف الإنسان له لفترات بعيدة من التأريخ ، والهنود هم أقدم من عرفه .. فقد وجدوه مرسوماً في المعابد الهندوسية رسماً واضحاً ، ومما قالته الأساطير الهندوسية في شأن هذه النبتة اللعينة إن ( شيفا ) أحد أعظم الآلهة عندهم .. هو من جلبه من قاع المحيطات البعيدة لأتباعه تكريماً ورفعة لهم جزاء بما كانوا يقومون به من أعمال صالحة في نظره، لكنهم لم يكونوا يسمونه قنباً ولا حشيشاً كما نسميه اليوم .. إنما كانوا يسمونه ( الرحيق ) ، والهنود على الأرجح هم من ابتكر استخلاص مادته المخدرة التي كانوا يستنشقونها أثناء قيامهم بطقوسهم الدينية بدليل تسميته بالرحيق ، هذا ما كتبته اللغة ( السنسيكريتية ) لغة الحضارة الهندية قبل الميلاد بأربعة آلاف سنة ، أما ما يخص تسميته بالقنب الهندي فلا علاقة للهنود بذلك ، إنما من خلال (الآشوريين ) الذي سموه باسم ( كونوبو ) وهو ما يرجح تحورها إلى كلمة ( قنب ) ، وهنا نلحظ أن المكانة التي كان عليها نبات القنب في وسط وجنوب آسيا هي السبب في تنامي اهتمام الآسيويين به واستزراعه واستخدامه إلى أن وصل العرب لهذه المناطق حيث ذكر الرحالة ماركو بولو في كتابه ( أسطورة الفردوس ) أن أحد أئمة القرامطة كان يوهم أتباعه بأنه قادر على إرسالهم للجنة في أي وقت ، وتلك الجنة هي حديقة ( آل موت ) في إيران والتي جهزت بالجواري الجميلات ومشارب الخمر والعسل واللبن ، فمتى ما أراد الشيخ أن يكسب ولاء وطاعة أحد أرسله لتلك الجنة على حد تعبيره بعد أن يجعله يستنشق أدخنة الحشيش ،ثم يحمله الحراس إلي تلك الحديقة دون أن يشعر ، فيلهو ويستمتع بما فيها من ملذات ثم يعودون به إلي حضرة الإمام قبل أن يعود إلي وعيه ، وحينما يستفيق يصدق الحيلة ويكون على استعداد لافتداء الإمام وتنفيذ أوامره ، وحينما نشطت رحلات المستشرقين في البلدان العربية والأقاليم التي كانت خاضعة للحضارة الإسلامية في آسيا عرف الأوروبيون سر هذه المادة ومنهم إلي بلاد اليانكي في أمريكا حيث تؤكد الكثير من الدراسات أن الأمريكيين هم آخر من عرف الحشيش والتحشيش بين الشعوب .
على أية حال .. دعونا من تأريخ الحشيش الآن .. وأخبرونا ما الجدوى من القانون الدولي لمكافحة المخدرات الذي يصل عمر إقراره توقيع جميع الدول في العالم عليه 100 عام ( 1912م ) طالما أنه لم يحد من تنامي سوق تهريب الحشيش !! بل على العكس .. القانون أصابته الشيخوخة والعجز بينما المخدرات لا زالت في ريعان الشباب ، نحن نتساءل ومن حقنا أن نتساءل ..ما سر هذه الكميات الضخمة من أطنان الحشيش ؟ لا يمكن أن تكون كل تلك الكميات التي تجوب الأرض شمالاً وجنوباً من انتاج مجموعة من العصابات فقط .. هناك دول خائنة لا تلتزم بالحظر حتماً .. وهذه الدول كبرى لا تجرؤ بقية الدول أن تقول لها ثلث الثلاثة كم ؟.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *