الانتخابات البلدية .. القائمة الذهبية
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]بخيت طالع الزهراني[/COLOR][/ALIGN]
** أمامنا نحن السعوديين التجربة الثانية للانتخابات البلدية، الأولى جرت قبل 8 سنوات وانقضت صفحتها بحلوها ومرّها.. ونحن الآن أمام النسخة الثانية من التجربة، ويجب بالضرورة أن نستفيد من التجربة السابقة ـ الأولى ـ حتى وإن كانت تجربة وليدة في يومها ومتواضعة من حيث الآليات والمهمة والفكر، وأتذكر وقد كنت أحد مراقبي تلك الانتخابات، عندما عملنا في مركز جنوب شرق جدة، أن الأجواء يومها كانت مثيرة، فهي بالنسبة للإنسان السعودي شيء جديد أن يقف أمام صناديق الاقتراع، ويقدم ورقته الانتخابية السرية لمرشحيه السبعة يومها، ثم كان الأمر بالنسبة لنا نحن المراقبين، كيف كان يتعين علينا فحص المكان الانتخابي، ومراقبته بعيون يقظة، والتأكد من خلوه تماماً من التزوير فيما لو حدث.
** التجربة الآن يتعين عليها أن تدخل الميدان من جديد بثقافة أكبر، وحالة تجربة متراكمة أكثر قليلاً من لحظات البدايات، وفي وعي أكبر من الناخبين والمرشحين على السواء، بحيث لا تتكرر حكاية \”القائمة الذهبية\” الشهيرة، والتي كان لها أثر ظاهر على توجهات الناخبين وعلى النتائج، في لحظات كان الوعي الانتخابي أقل من اليوم، وكان يمكن قيادة أو التأثير ـ على الأقل ـ على قناعات عدد من الناخبين، في وقت تقول فيه أبسط بديهيات وأدبيات العمل الديمقراطي، إن الناخب هو المالك لصوته قناعة واقتناعاً.
** أما بالنسبة للمرشحين فلعلنا ما زلنا نتذكر تلك الايقاعات وذلك التفاعل الذي دوى على جنبات مخيمات المرشحين، وتلك ربما ظاهرة صحية إلى حد ما، خصوصاً إذا ما رافقها عمل مؤسسي، يتبلور في الكشف عن البرنامج الانتخابي \”المنطقي\” لكل مرشح دون مبالغات فضفاضة، هدفها التمويه على قناعات الناخبين، وخداعهم بمظهريات لا تعدو أن تكون شكليات، ليس لها علاقة بثقافة الانتخابات، ولا بمهنة الأداء الصحيح للمرشح، والأهم عدم ايقاع الناخبين في شراك الوعود الخيالية لمجرد الرغبة في الاستحواذ على أكبر عدد من الأصوات.
** وأهم من كل ما تقدم أن المواطن ينتظر من الجهات الرسمية التي شرّعت هذه الانتخابات، أن تحقق للمجالس البلدية فضاء حقيقياً واسعاً من العمل على الأرض، يتوازى مع طموح الوطن المرحلي في مجالس ذات تأثير، وقرار قوي يصنع \”الفرق\” على الواقع المعاش.. وهنا لبّ القضية، لأننا لسنا بحاجة حقيقية إلى مجالس بلدية شكلية، لا تقدم ولا تؤخر، ولا تتخذ قرارات مصيرية لها وقعها المؤثر على حياة (الحي والناحية والقرية والمدينة) ولذلك لا يمكن قبول حياة انتخابية بلدية جديدة، ما لم يرتفع سقف صلاحيات المجالس البلدية فيها إلى أعلى مستوى مطلوب، وأظن كذلك أنه لن يكون جاذباً لأي أحد أن يقدم نفسه كمرشح ما لم يشعر أنه سيكون صاحب قرار، وصاحب موقف أدبي على الأقل أمام الذين انتخبوه، اللهم إلا حفنة قليلة تدفعها النرجسية، والحاجة إلى \”تلميع\” ذاتها على حساب موقفها أمام أهل الحي أو القرية التي انتخبوها لتتولى هذه الأمانة العظيمة.
** لقد عشنا جميعاً تجربة مخرجات المجالس البلدية خلال السنوات القليلة الماضية، وكانت في الواقع مخرجات أقل من الطموح بكثير، ولكننا يمكن أن نتجاوزها إذا ما منحناها غطاء أنها التجربة الوليدة الأولى، لكن النسخة الثانية من الانتخابات ومن المجالس البلدية الجديدة التي سوف تتمخض عنها، يجب أن تكون أكثر قوة، وأقرب قدرة على تحقيق طموحاتنا، بحيث نرى مجالس قاردة على حسم الكثير من القضايا البلدية، والاصطفاف في الجانب الشعبي للمواطن بكل قوة حتى تحقق له الكثير من حاجاته ومطالبه وتطلعاته.
التصنيف: