د. منصور الحسيني

شدني برنامج روافد الذي تقدمه قناة العربية الجمعة عندما استضافوا مفكراً إسلامياً بصرف النظر عن تأييدي أو رفضي لبعض أو جل ما قاله الرجل, الحوار كان واضحاً وشفافاً لكل من له قلب و يسمع، صحيح أنه لأغلب المسلمين يعتبر فاجعة كمن تأتيه بعد عمر الستين وتقول له إن من يحمل اسمه ليس أباه الحقيقي، فعندها ينقسم الناس إلى ثلاث فئات: الأولى وبرغم الصدمة تحاول أن تفهم وتناقش وتطلب الحجة وتأتي بالنفي الموثق إن وجد أو أنها تعترف بعدم انتسابها لهذا الأب بالرغم من صعوبة التقبل ولكن هدفهم معرفة الحقيقة وليس مجاراة العاطفة والعيش على ضلال.
الفئة الثانية من قبل أن تكمل الموضوع وبدون أن يسألوا يكيلون لك التهم وقد يصل الحال في مواطن عدة للشتم أو الاعتداء الجسدي إن تمكنوا من ذلك ولا يهمهم أن يعرفوا الحقيقة لأنهم مقتنعون مما وجدوا أنفسهم عليه ولا يريدون تغييره أو حتى مناقشته. الفئة الثالثة هي أصلاً غير مهتمة لمن تنتسب أو من هو أبوها لأنهم وجدوا أن الكثير من هذا التضارب والاختلاف يحدث ولم يجدوا أن هنالك سبباً يجعلهم يبحثون عن الحقيقة لأنهم لا يعتقدون أن معرفتها مهمة أو لأنهم فقط لا يهتمون.
كذلك الحال بالنسبة لمعرفة الدين الحق, فالناس ينقسمون لنفس التوزيع السابق مع ملاحظة أنه وبسبب \”تحول الموروثات إلى صنم يعبد\” كما قال ضيف البرنامج نجد للأسف أن غالبية المسلمين أصبحوا من الفئة الثانية التي لا تناقش أو تحاور بل تقذف وتناور بأسلوب يوحي لكل عاقل بأن الفاعل إما جاهل أو منافق لأن الفطرة السوية لا تسمح للإنسان بتجاهل ما ينجيه بسبب ما قيل له من البشر ويخالف أو يتعارض مع منهج خالق البشر.
لماذا عندما يظهر منا مفكر يتحدث إلينا بكتاب الحكيم العليم لا نطلب محاورته على الأشهاد ونترك للبشر الحكم على ما يقال من الطرفين؟ لماذا دائماً ما تكال الاتهامات والشتائم وإن وجدت السلطة تستخدم القوة للجم فم المتحدث وكأننا نقول له نحن نعرف أنك على صواب لا نريد الناس أن تعرفه؟ إذا كان المتجرئي على هذا الفعل الانهزامي من المنافقين أو الضالين فما هو سبب انجراف باقي المؤمنين دون سلطان مبين؟.
إذا كان الخالق قد حذرنا من ذلك، فلا أجد بداً لأي عاقل من أن يسمع ويتفكر من خلال تدبر القرآن وليس قراءته مع إخلاص القصد لمعرفة ما أوجبه الله، حرمه أو نهى عنه دون تأثر برواسب تم ترسيخها دون مراجعتها في حين أنك سوف تكون المسؤول عن محاسبتها عند مالك يوم الدين. يقول تعالى:\” اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ\” ..الزمر:23.
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *