الإنجاز السعودي الطلابي العالمي والمستقبل !!

• عبد الناصر الكرت

الإنجاز العالمي المشرف الذي حققه طلاب ثانوية الأندلس بجدة في مسابقة الروبوت التي أقيمت بمدينة فينا بالنمسا وتحقيقهم المركز الأول من بين 50 دولة مشاركة يدعو للفخر والاعتزاز ، حيث يظهر الدلالات الأكيدة بأن أبناءنا يملكون القدرات العالية ولديهم الطاقات الكبيرة والاستعدادات الجيدة التي تمكنهم من المنافسات الدولية بكل كفاءة واقتدار .
فهم لا يقلون عن مستوى الطلاب النابغين في الدول المتقدمة أو غيرها… ولعل حصدهم لهذا المركز المرموق من بين جميع المشاركين من دول العالم يعطي بعدا عن إمكانيات الشباب السعودي ومستوياتهم العلمية والمهارية متى أتيحت لهم الفرص وهيئت لهم الظروف .
وهي في الواقع ليست أول مسابقة يحصل فيها طلابنا على مراكز متقدمة عالميا في بعض المجالات ، فقد سبق وأن حقق الفريق الطلابي السعودي المركز الثالث من بين أكثر من 70 دولة في مسابقة ( انتل أيسف 2015 ) التي جرت في مدينة بنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية بل أن أحدهم حصل على المركز الأول في علم النبات ونال مع ذلك تقديرا خاصا بحصوله على جائزة من جائزة نوبل تتيح له حضور تكريم العلماء الحاصلين على جائزة نوبل العالمية كتكريم له على المستوى العلمي المشرف ونظرتهم المستقبلية لأمثاله .
ومع فخرنا بهذه المنجزات الرائعة التي حققها بعض أبنائنا الطلاب فإننا نشعر بكثير من الحزن أن يكون التميز محصورا على طلاب مدارس محددة فقط ! لأن ذلك يكشف الجهد الخاص المبذول من تلك المدارس والعاملين فيها على وجه التحديد بحسن التعامل مع الطاقات المتميزة وتشكيلها بالتشجيع والتحفيز والتوجيه والتدريب لتحقيق الاستثمار المطلوب في العقول .
والسؤال العريض لماذا لا تكون جميع مدارسنا على هذا النحو لتمارس دورها التعليمي والتربوي بصورة فاعلة..لاكتشاف الموهوبين وتهيئة المناخ المناسب لهم بشكل عملي لتطوير مواهبهم وتحقيق إبداعاتهم . وإني على يقين بأن هناك الكثير من المواهب الطلابية الكامنة في مدارس المملكة ، لكنها لم تجد العناية بل تفقد الرعاية والاهتمام ، لأن هناك من لا يستشعر دوره من الإداريين والمعلمين ولا يعي أهمية وجوده في عملية الاستثمار البشري الذي يشكل المعنى الحقيقي للتربية والتعليم .
فالتفوق والموهبة ليستا من صناعة المدارس كما يتصور البعض ، بل هي منحة من الله تعالى لبعض البشر ودور التربويين يتصل بعملية الاكتشاف المبكر والدعم بإيجاد البيئة المناسبة للارتقاء بالمواهب ورفع مستوى التفوق بالشكل المطلوب.. ليس من أجل النجاح في المواد المقررة ولكن من أجل استثمار العقول النابهة لما ينفع الفرد والمجتمع والإنسانية -بوجه عام – مستقبلا .
ورغم ما تبذله وزارة التعليم من جهد كبير لتطوير المواهب إلا أن الغالبية من الطلاب لا يجدون الرعاية في المدارس كما يجب ، وأن من يصلون إلى المستويات المتقدمة هم في الغالب في نطاق جهود محدودة . ولأننا أمام هدر بشري بعدم الاستثمار الأمثل فإن الوزارة مدعوة لأن تجعل من مدارسها حقولا تعليمية جاذبة بتوظيف المعامل والمختبرات ومراكز المصادر والتقنيات والمراسم والملاعب والمسارح والإذاعات والحدائق والوسائل والمكتبات… والابتعاد عن التعليم النظري المجرد وأن تدفع بمؤسساتها التعليمية التحرك أيضا وفق الممكن والمتاح بشكل إيجابي بدلا من الرتابة والجمود الذي يخرج الطلاب كليشة واحدة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *