عدنان صعيدي

اختلفنا أو اتفقنا مع وزارتنا في شأن الإذاعات التجارية الخمس والتي بدأ بثها قبل أشهر على موجات F Mفان الأمر أصبح واقعا يجب التعامل معه حاليا ــ ولو بالاستماع ــ ، وفي نفس الوقت فان هذا الواقع لا يمنع أن يطرح رأي يمكن من خلاله إعادة النظر في شأن هذه الإذاعات إذا انتهت مدة الرخصة الحالية ( 3سنوات ) ورغبت الإذاعات في التجديد أو حتى في الوقت الحالي إن كان النظام يسمح للوزارة بالتعديل .
كان في الوسط الإذاعي من يتوقع أن تكون الرخصة مقتصرة على مدينة أو منطقة لكل إذاعة ــ موقعا وبثا ــ وهو ما يعني تكلفة اقل في قيمة الرخصة والبث والإنتاج البرامجي ، وهو أيضا فرصة احتكارية لإعلان المدينة أو المنطقة حتى على مستوى الإعلانات الفردية على غرار ما كان يفعل طامي يرحمه الله ، حيث كان يقطع تعليق الأستاذ محمد رمضان أو حديثه على الهواء ليعلن عن فقد عنزة .
وكان منهم من يتوقع أن تكون الإذاعات التجارية متخصصة ( دينية ، رياضية ، فنية ، أطفال ) فتملك الأندية الرياضية أو المؤسسات الفنية بعضا منها أو ترعى الجزء الأكبر من إنتاجها وهو ما يعني زيادة نسبة التعصب الرياضي أو الفني أو أي تعصب ، وهو ما حرصت الوزارة ــ كما اعتقد ــ على عدم إتاحة الفرصة له فجعلت الإذاعات التجارية منوعة وليست متخصصة ،وهنا بدأت تظهر وجهة نظر أخرى وهي أن هذه الإذاعات ليس لديها من التنويع ما يكفل لها التميز أو التفرد خاصة وان واقع المملكة من حيث عدد السكان غير متناسق مع المساحة الكبيرة ،كما أن غالبية الأنشطة الرسمية والثقافية والرياضية التي يمكن تسويقها محصورة ــ تجاوزا ــ في ثلاث مناطق تظل المدن الكبيرة فيها هي الأكثر قدرة على الاستهلاك ، والتعاطي مع الإذاعات بالرسائل والاتصالات الهاتفية ذات المردود المالي الكبير .
إن الحكم على مستوى الإذاعات التجارية الخمس التي انطلقت منذ أشهر قليلة في الوقت الحالي لا يعتبر منصفا ــ أيا كان هذا الحكم ــ فالفترة منذ الانطلاق قصيرة ،والإنتاج غالبيته ارتجالي وترفيهي ،وبعضها يتنافس على ساعة محددة من البث وقضايا محلية ليس للإذاعة كما للتلفزيون والصحافة اثر سريع وايجابي في حلها ، وقد تنقضي مدة الرخصة ولما تصل تلك الإذاعات إلى شكل ومضمون ثابت نظرا لتسارع المستجدات ،ومن يدري لعل الوزارة أيضا تمنح رخصا أخرى فيصبح عدد الإذاعات أكثر ،كما ينبغي ألا يغيب عن الذهن الإذاعات التي بدأت في الظهور عبر الانترنت وهذه ستكون منافسا قويا للإذاعات التجارية الحالية فربحهم مضمون إذا ما قورن بتكلفة الرخصة والإنتاج للإذاعات الحالية .
يبقى في هذه المقالة جانب احسب أن مسؤولي الإذاعات التجارية ليسوا في غفلة عنه وهو المضمون واللغة والأداء ، فنحن جيل يؤمن أن الإذاعة مدرسة ونعتقد انه من الواجب أن تستمر كذلك خاصة في ظل تذمرنا من مخرجات التعليم وإهمال البيوت في عملية التربية والمتابعة ،الإذاعة ليست صوتا ناعما ولا ضحكة ساحرة ، ولا تختصر في طرح جريء هو ليس أكثر من تقليد لبعض ما تبثه بعض القنوات التلفزيونية الفضائية ويخشى أيضا أن نقلدهم حتى في أسلوب الحوار الذي وصل إلى درجة السباب والقذف بالمقاعد .
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *