هل تساءلتم كيف يرى سكان المريخ كوكبنا الأرضي على افتراض وجودهم ؟ وكيف تبدو أرضنا في مراصدهم حيث زرقتها الداكنة التي تمزقها رقع القارات البنية المخضبة بالخضرة المتدرجة ؛ وفوق سمائها تتراقص قطع من السحب البيضاء ؟ أعتقد لو كان ثمة من يعيش في ذلك الكوكب الأحمر لا أخاله إلا متيما به أيما تتيم ، بل أجزم أنه سمير عاشقهم وأنيس وحيدهم وسراج ساريهم ورديف لكل أوصاف الجمال في آشعارهم ، اذهب الآن لمحرك بحث الصور على الإنترنت ، واطلب منه صورة ملونة لكوكب الأرض من الفضاء ، وبعد ذلك تأملها صورة صورة .. وتخيل أنك ذلك المخلوق المريخي الذي يرى هذه الصور عبر مرصده البعيد .. ألن تعشقه بكل تفاصيله تماماً كعشق بني البشر للقمر ؟ لا أحد يعلم حقيقة هل هناك مخلوقات بالفعل ترى كوكبنا بذات الطريقة التي نرى فيها القمر ، لكن أبناء جنسنا الذي تمكنوا من الوصول للقمر رأوا ذلك بأم أعينهم ، ونقلته لنا بالتالي كاميراتهم التي لكأني بها تقول .. هكذا سكان الفضاء يرون كوكبكم ، فلو كنت واحداً من تلك المخلوقات ثم أتاك من يقول أن ما تراه من جمال لهذه الأرض لا يعبر عن حقيقة سكانها فمؤكد أنك لن تصدقه ، ولن تصدقه إن قال لك أنهم مخلوقات يقتل بعضهم بعضاً آناء الليل وأطراف النهار وعلى امتداد تواجدهم التاريخي على ذلك الكوكب ، ولن تصدقه لو حلف لك بأنه كوكب مسجور بدماء ضعفائهم وأشلاء أطفالهم .. وملوث بصراخ نسائهم ورائحة شياط شعورهن ، سيقول لك ذلك المتحذلق المريخي بأنك ترى ذلك الكوكب ساحراً وأخاذاً من مرصدك فقط .. إنما لو رأيت حقاً من يعيش فيه عن كثب لاتخذت موقفاً آخر ، ومع ذلك لا أظنك ستستسلم لادعاءاته بسهولة ، وكيف تستسلم له وأنت ترى بعينيك ذلك الهدوء الناعم الذي يكتنف تلك الكرة البيضاوية الفاتنة ، وذلك السكون الرقيق الذي يلمع في استدارتها الوقورة ، ستقول انظر لوجهها .. لا فوهات قبيحة كتلك التي شوهت القمر ، ولا قحط أحمر كالذي يهيمن على مريخنا ، يا صاحبي .. إن مكاناً بهذه العظمة والجمال لا يمكن إلا أن يكون له امتداده وتأثيره على وجدان كل مخلوق يعيش فيه ومعه وبه ، فالجمال لا يورث سوى الجمال ، ولا بد أنهم مخلوقات مميزة ومسالمة ومحبة وإلا لما اختارهم الله تعالى أن يكونوا في ذلك المكان الرائع .. لكن الحقيقة أنك لست ذلك المخلوق الآخر الذي يرى كوكبنا على بعد مئات السنين الضوئية ، أنت مثلي تعيش على هذه الأرض وتعرف الحقيقة الكاملة.
@ad_alshihri
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *