استقرار السودان ضرورة حيوية

ليس من المبالغة في شيء القول إن الاهتمام بالأوضاع في السودان بوجه عام وفي منطقة دار فور بوجه خاص في الآونة الأخيرة من جانب العديد من الدول الغربية لا يمكن ان يكون مصادفة، ليس فقط لأن التباكي والحزن على ما تشهده دارفور هو أقرب الى دموع التماسيح لأن السودان الشقيق يعيش منذ سنوات عديدة وهو يعاني من المواجهات المسلحة وأعمال العنف التي اودت بحياة مئات الآلاف من السودانيين في الجنوب والشرق والغرب كذلك، ولم يسبق ان حرك الغرب ساكنا سوى بتأجيج الخلافات الداخلية، ولكن ايضا لأنه يبدو ان بعض الدول والأطراف الغربية، وغير الغربية، المعنية بمستقبل افريقيا والسودان بدأت تستشعر بأن حكومة الخرطوم والرئيس السوداني عمر حسن البشير يوشك ان ينجح في تجاوز الخلافات في دارفور، وكان قد توصل الى اتفاق مع الجنوب ومن ثم يستجمع السودان قواه، او انه في الطريق الى ذلك، وهو ما لا ترغب فيه تلك الاطراف، لأسباب عديدة ومتنوعة تعود الى حساباتها هي وليس الى المصلحة السودانية بالتأكيد.
وإذا كانت هذه هي الصورة الحقيقية، او بمعنى ادق، جوهر الاهتمام الدولي المفاجئ بالوضع في دارفور، برغم وجود عشرات المنازعات المسلحة الساخنة على امتداد قارات العالم، فإنه من المهم والضروري العمل بكل السبل من اجل دعم الجهود المبذولة من اجل التوصل الى اتفاق بين حكومة الخرطوم وحركة العدل والمساواة في دارفور، وهي الجهود التي تبذلها الشقيقة قطر بالتعاون مع جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي، وهي جهود يبدو انها تبشر بالخير، خاصة وأنها تتسم بالرغبة الحقيقية والحرص والصبر كذلك، سواء من جانب القيادة القطرية او من جانب المسؤولين السودانيين في الحكومة وفي حركة العدل والمساواة وكذلك من جانب الأطراف العربية والافريقية المشاركة في محادثات الدوحة. جدير بالذكر ان التوصل إلى اتفاق بين حكومة الخرطوم وحركة العدل والمساواة يضع حدا للمواجهات المسلحة وأعمال العنف التي شردت مئات الآلاف من ابناء دارفور من شأنه ان ينعكس ايجابيا ليس فقط على الاوضاع في دارفور، ولكن في السودان ككل. ففي ظل الظروف التي تمر بها المنطقة والعالم، والاهمية المتزايدة لإنتاج مزيد من الغذاء لسد احتياجات المواطنين العرب وضرورة ان يكون الجزء الاكبر من هذا الانتاج في داخل المنطقة العربية لاعتبارات عديدة، فإن السودان يكتسب اهمية كبيرة بحكم ما يتوفر له من امكانيات زراعية وحيوانية ضخمة، ومن ثم تزداد بالضرورة اهمية السلام والاستقرار في السودان الشقيق، حتى تتاح الفرصة لجهود التنمية السودانية من ناحية وللاستثمارات العربية من ناحية ثانية لتحقيق الاهداف المعلقة عليها، سودانيا وعربيا.
يضاف إلى ذلك ان السلام والاستقرار في السودان من شأنه ان يسهم في الاقتراب بشكل اكبر من تسوية اكثر من مشكلة في منطقة القرن الافريقي، فضلا عن اضافة السودان الى مجمل القوة العربية بعد تعافيه مما تعرض ومر به على امتداد السنوات الأخيرة.
وبالطبع فإن هذه جميعها لا يمكن ان تروق للعديد من الاطراف غير العربية التي تعمل من اجل مصالحها الآن وفي المستقبل بغض النظر عن مصالح العرب دولا وشعوبا. ولذا فإن الهجمة على السودان وتحريك محكمة الجنايات الدولية من وراء الستار سوف تتزايد كلما ازداد اقتراب السودان من التغلب على مشكلاته. ولذا فإنه من المهم والضروري لصالح السودان والدول العربية كافة ان تتكاتف الجهود العربية وعلى كل المستويات لمساندة السودان ودعمه في مواجهة ما يتعرض له من ضغوط لن تتوقف عنده بالتأكيد خلال الفترة القادمة.
صحيفة عمان – سلطنة عمان