استراحات الطرق.. حاجة المضطر!

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. علي عثمان مليباري[/COLOR][/ALIGN]

بدأت الإجازة الدراسية السنوية، لتبدأ حركة مكثفة للسفر بين المناطق وداخلها، كما أننا على أبواب شهر رمضان المبارك وتبلغ حركة السفر ذروتها بالعمرة من الداخل والخارج، فكيف حال استراحات الطرق؟!.
طبعًا سوء خدمات الطرق ليس جديدًا ويتحدث عن نفسه منذ زمن، وقد كتب عن ذلك كثيرون وأنا منهم قبل نحو عام، ولا أظن أن أحدًا يختلف على أوضاعها المزرية باستثناء أعداد قليلة منها، لأن معظمها قامت بتراخيص محدودة الشروط وبلا رؤية ولا رقابة، واختزلت مفهوم الاستراحة في وجبة كبسة وشاهي (تسد النفس) ومساجد صغيرة مهملة ودورات مياه (تجيب المرض) وبلا أي مظهر يشير إلى الراحة وإنما التلوث والتأفف.
ملايين المسافرين يستخدمون الطرق السريعة يوميًا في كافة الاتجاهات، والاستراحات المنتشرة على امتدادها تقدم كل دقيقة صورًا سيئة، فالمسافر عادة ينزل الاستراحة ليتوضأ ويصلي ويتناول ما يسد به جوعه، وهو في الواقع يفعل ذلك مضطرًا حيث لا بديل، والمضطر.. كما نعلم.. يركب الصعاب، ولكنه هنا يركبها تحديدًا مع استراحات لا تبدو ولا العاملين فيها بأنهم يستقبلون ويخدمون بشر.
لكن هل من المفيد البكاء على اللبن المسكوب بينما هناك أسئلة لا زالت تردد: لماذا بلغت استراحات الطرق لدينا إلى هذا التدني؟ ولماذا تأخر تطويرها؟ كل واحد يسعى قدر استطاعته على تجميل بيته له وللزائرين، أليس الوطن هو بيتنا الكبير والأهم، فمن المؤلم أن تسمع وتشاهد في بعض القنوات الفضائية مقارنة بين استراحات الطرق لدينا وبين الاستراحات المبهرة في دول شقيقة قريبة، رغم أن بلادنا هي الأكبر والأكثر قدرة والأكثر في أطوال الطرق السريعة الحديثة، وقبل كل ذلك هي بلاد الحرمين الشريفين التي لا تألو جهدًا في خدمة ضيوف الرحمن والعناية الفائقة بأقدس المقدسات.
لقد سمعت بأذني ورأيت بعيني مثل غيري إحدى برامج قناة \”المستقلة\” عن رحلتها في سلطنة عمان، وحجم الاهتمام لديهم بتشجير جانبي الطرق، وبمستوى الاستراحات ذات المواصفات العالمية، ومقارنتها مع غيرها من الاستراحات دون تسمية بلادنا حرصًا على عدم الإساءة إليها، رغم أننا نحن من نسيء إليها عندما أهملناها فباتت تزعج ملايين المسافرين يوميًا بالنقل البري، لتصبح للأسف سيئة الصورة والسمعة.
إن الطرق السريعة تعد إحدى العناوين الحضارية لبلادنا، وهي تنتمي إلى قطاع حيوي خدمي مداخيله هائلة لكنه يعاني من عشوائية مزمنة ومزرية، والحل بلا شك يحتاج إلى استثمارات هائلة، وأفكار رائعة نتمنى أن تتميز بها الدراسة الجارية بشأنها، بعد إقرار مجلس الوزراء الموقر للإجراءات اللازمة، حتى يتحقق التغيير الحضاري لتلك الاستراحات، بما يلبي حقوق ملايين المسافرين وحق الوطن الذي لا يجب تركه لهذا الاستهتار.
ليتنا ننظر برؤية مستقبلية وصورة كلية شاملة لتفاصيل مهمة في التنمية، وليس مجرد تراخيص أنشطة حيوية تفتقد ثقافة الخدمة الحضارية، ولا تعرف حق المسافر في خدمات أفضل، وحق الوطن في صورة ناصعة لاتخدشها فوضى استراحات بدائية، تطاردك فيها حشرات زاحفة وطائرة، ووجبات ينازعك فيها الذباب، وعاملون يصيبك مظهرهم واهمالهم بالمغص، وإلى أن يتغير الحال.. صاحبتكم الراحة والسلامة.
كاتب وباحث أكاديمي
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *