إنقاذ دولة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. رؤوفة حسن [/COLOR][/ALIGN]
قال الرئيس الصومالي أنه لو حصل على مائة مليون دولار سيستطيع إعادة بناء الدولة الصومالية وبالتالي ضمان الأمن في منطقة البحر الأحمر والبحر العربي. مائة مليون دولار ممكن تحل مشكلة أمة مزقتها المحن، ودمرتها صراعات المصالح، وساهمت في انهيارها لامبالاة القوى العظمى، وتجاهل ذوي القربى وجيران الحدود.
ولو فكرنا في الأمر مليا فسنجد أن انهيار الدولة الصومالية قد أدى الى خسارات للسفن والتأمين عليها وحركة التجارة في البحر على نحو يزيد عن هذا المبلغ وسيتزايد كل يوم.
وحتى ونحن نسمع اليوم بتداعي القوى العظمى الى حل مشكلة القرصنة الصومالية وحشد السفن العسكرية الى المنطقة لتأمين مرور سفنهم، فنحن نعرف مسبقا أن ذلك سيكلف ليس المبلغ الذي يطرحه الرئيس الصومالي لإعادة بناء الدولة فقط، بل مليارات الدولارات.
فما الذي يجعل دول العالم تفكر في تأمين الحماية للسفن في عرض بحار واسعة المدى بدلا عن حل المشكلة الأصلية التي تسببت في انتشار القرصنة عبر المنطقة كلها؟ هذا السؤال فعلا يحتاج الى تفكير وإجابة جادة.
بدايات بؤر التوتر:
لأن المناطق المتوترة تعني استنزاف للمال والجهود وعرق الشعوب، فإن الحالمين بالسلام يرفضون القبول بفكرة معالجة العوارض ويدعون الى معالجة السبب. ولكن هناك فئة أخرى من البشر لا يمكن لها أن تعيش إلا إذا كان هناك توتر.
فمصانع السلاح مثلا لايمكن لها أن تعمل إلا إذا كان هناك مشترين. والقائمين بعمليات الانقاذ لابد لهم من جرحى أو مصابين كي يقوموا بإنقاذهم. حتى أن بعض الساسة والسياسيين يقومون بعملهم فقط في حالة الأزمات. وبعض الأزمات تكون ضرورية لإيجاد حالة توتر كبرى تخفي توترات أصغر. وهكذا، مالم تدرك الشعوب الضعيفة أنها رهينة ظروف فوق قدرتها وأن هناك عوامل خارجية تؤثر على حياتها بفعل الموقع والدور والوظيفة فإن هذه الشعوب ستظل تدفع ثمنا غاليا علة فترة طوية من الزمن.
ودوما يكون الدرس أن هذه الشعوب الضعيفة حتى التي لديها اموال طفرة لفترة وجيزة من الزمن، لابد لها أن توفر القرش الأبيض لليوم الأسود، وتتقي شر الانقسامات والمصالح الضيقة وإلا فإن نهايتها ستكون مماثلة لما يحدث في الصومال.
في نفس الوقت فإن الدول المجاورة للبؤر المتوترة، يلحقها الضرر بشكل وبآخر. فها نحن الدول المطلة على البحر الأحمر والبحر العربي ندفع ثمنا للسفن التي تخطف والفديات التي تدفع والتأخير الذي يصحب حركة السفن وحتى التواجد العسكري للسفن التي تقوم بالحماية على نحو يجعل حل مشكلة الصومال جزء من حل مشاكلنا.
وفعلا تصبح الاستجابة لأطروحة الرئيس الصومالي هي استجابة للعقل والمنطق بتكلفة أقل كثيرا مما سنظل ندفعه جميعا لفترة طويلة.
تبدوا الحلول البسيطة وكأنها حلول ساذجة، لكنها الأكثر ملائمة لإحتياجات الصومال وكل جيرانها.
[email protected]
التصنيف: