إلى المغردين داخل السرب الإسرائيلي
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]د. حسن صنع الله[/COLOR][/ALIGN]
يتساءل الكثيرون عن حقيقة المؤسسة الإسرائيلية وديمقراطيتها التي ينبري البعض للدفاع عنها من أبناء الداخل الفلسطيني بزعم أنها مؤسسة ديمقراطية، يكاد نورها يضيء المنطقة لولا نسمات الربيع العربي والفعل الديمقراطي في كل من مصر وتونس حالت دون التعميم وإصابات البعض بعمى البصيرة.
الديمقراطية الإسرائيلية محل نقاش عميق داخل الأروقة العلمية، كالمعهد الإسرائيلي للديمقراطية الذي يتخصص في الديمقراطية \”الإسرائيلية\” ويسعى جاهدا لمقاربتها مع الديمقراطيات الغربية، من خلال بوابات اليهودية والإسرائيلية والتعددية والأقلية المتجذرة على هذه الأرض صاحبة الحق الشرعي والمالكة للشرعية على هذه الأرض.
نحن بطبيعة الحال لا نفاجأ من إنتاج الفكر العنصري داخل هذه المؤسسة، ولكننا نفاجأ من المدافعين عن هذه الديمقراطية \”المشوهة\” من أبناء جلدتنا. هذا بالرغم من أن حقيقة هذه المؤسسة لا تخفى على العديد من أبنائها. فهذا \”يسرائيل شاحاك\”؛ الكاتب اليهودي المعروف، قد كتب أن \”إسرائيل كدولة يهودية، تشكل خطرا ليس على نفسها وسكانها فحسب، بل على اليهود كافة وعلى الشعوب والدول الأخرى جميعا في الشرق الأوسط \”. وهو الذي يعترف أيضا أن المؤسسة الإسرائيلية لا يمكن أن تكون ديمقراطية نتيجة \”تطبيقها لإيديولوجية يهودية موجهة ضد الأغيار (الغرباء – الأجانب غير اليهود)، وضد اليهود المعارضين لهذه الإيديولوجية، أيّا كانت أيديولوجيتهم.ولكن الخطر الذي تمثله هذه الإيديولوجية المهيمنة لا يقتصر تأثيره على الشؤون الداخلية فحسب بل على السياسات الخارجية الإسرائيلية أيضا\”.
هذه المؤسسة تعرّف نفسها على أنها ملك لأشخاص تعرفهم المؤسسة الإسرائيلية على أنهم يهود، بصرف النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، وتعود إليهم وحدهم، وهي في التالي لا تعود لمواطنيها من غير اليهود، الذين تعتبر مكانتهم لديها مكانة دونية حتى على الصعيد الرسمي.
في \”واحة الديمقراطية الإسرائيلية\” ما هي القيم الإنسانية التي يستطيع أن يشير إليها المغردون داخل السرب الإسرائيلي؟ فمنذ أن نشأت هذه المؤسسة وترعرعت كان ديدنها في التعامل معنا ومع محيطها لغة البطش والحرب والقوة والتنكيل، وحتى السلام الذي وقعته \”إجرائيا\” مع دول شتى جرى بغطاء من السيد الأكبر الحامي لهذه الدولة والمنعم عليها من عطاياه.
هذه الأرض ومنذ قيام \”إسرائيل\” لم تنعم بالراحة قط. فالحروب والمجازر واحتلال أراضي الغير والتهديدات والاغتيالات، والقائمة تطول، كلها غيض من فيض هذه المؤسسة على منطقتنا… وفي حق من بقي على أرضه من أبناء شعبنا مارست هذه الديمقراطية شتى أنواع التمييز العرقي والعنصري، فصادرت الأراضي (صندوق القومي الإسرائيلي يسيطر على 92% من الأراضي) وهدمت البيوت، لا بل القرى الكاملة، والعراقيب مثال شاهد للعيان، وشردت العائلات العربية في العراء تحت حر الصيف وبرد الشتاء، هذا ناهيك عن سلة القوانين والممارسات العنصرية الأخرى التي يطول شرحها، وكل ذلك تحت مرأى ومسمع ما يسمى بالعالم الحر وجمعيات حقوق الإنسان، الذين لا تنتقدون المؤسسة الإسرائيلية وعنصريتها إلا على استحياء، في الوقت الذي لا تخضع فيه هذه المؤسسة إلى أي عقاب، لا بل إن حجم الدعم المادي والعسكري من قبل ما يسمى بديمقراطيات الغرب في ازدياد مستمر. وما تفعله المؤسس الإسرائيلية في النقب هو دليل على تشوهها الديمقراطي وغرقها في أتون الاستبداد والبلطجة والظلم، وكلها قيم مثالية للدول الديكتاتورية.
إن العملية الديمقراطية في المؤسسة الإسرائيلية تخضع لمبدأ وضعته الأحزاب الإسرائيلية التي هي في غالبيتها إما يمين وسط أو يمين متطرف (فحتى الأحزاب الإسرائيلية، التي يعرّفها الغرب على أنها يسارية، تصنف نفسها على أنها أحزاب يمين وسط)، وهذا المبدأ هو مبدأ الولاء. فكل من لا يدين بالولاء ليهودية الدولة لا يمكنه أن يحقق شيئاً على الصعيد السياسي.
التصنيف: