جُبل الإنسان عموماً على الاستقرار ورفض التغيير حتى لو كان للأفضل .. لذلك يواجه المصلحون في كل زمان ومكان بعنف وقوة كبيرة تحاول وأد محاولاتهم للتغيير في مهدها دون النظر للمنهج الذي يروجون له أو الرسالة التي يحملونها وقد يُستَهدفونَ في ذواتهم فيُتهمون بتهمٍ باطلةٍ لعزلهم عن مجتمعِهم وبناء حاجز يمنع الاستجابة لهم ويجعل الرفض جماعياً ..

رأينا ذلك منذ خلق الله سيدنا أدم عليه السلام حتى وقتنا الراهن ولم تكن دعوات الأنبياء والرسل في منأى عن ذلك بل كانت الأشد فتكاً بأصحابها صلوات الله وسلامه عليهم ..

تذكرت ذلك وأنا أستعرض في ذهني كثيراً من العادات والتقاليد التي ظهر تأثيرها السلبي جلياً وانتفت الحاجة لها في عصر العلوم والتكنولوجيا ولامسنا أضرارها بالمجتمع إلا إننا لا زلنا نقاتل من أجل بقائها ونُسوف في التوبة منها .

الزواج وما يصاحبه من بروتكولات جاهلية قد يكون على رأس هذه العادات السيئة ومع ذلك لازلنا نكابر ونرفض التغيير .. لازلنا نهتم ببعض الشكليات ونجعلها أكبر همنا فليلة العرس وما يصاحبها من بذخ وإسراف غير مبرر لا زالت حاضرة بتكاليفها الخيالية التي تفوق قدرة أغلب شبابنا ومع ذلك لم نفكر في تغيير هذا الواقع المؤلم متجاهلين أن أغلب حالات الطلاق المتعاظمة هي نتاجها .. فهمُ الدين والضائقة المالية التي يعيشها الشباب بعد الزواج تلقي بضلالها على الحياة وتتسبب في مشاكل كبيرة بعد إشباع الغريزة وزوال تأثيرها والنتيجة الحتمية حفلة طلاق تضاهي مثيلاتها .

في ظل سخف ما نعيشه من قناعات أصبح الزواج شره مستطيراً ولم يسلم منه حتى المدعوون الذين بات الكثير منهم يتهرب من تلبية الدعوات الواجبة بسبب عدم القدرة على تقديم السلفة المالية ( القويدة ~ العنية ) التي لا يُقبل الحضور بدونها والمضحك أن أغلب هؤلاء العرسان المساكين لم يعودوا يستفيدوا منها كون الأثرياء وذوي المناصب المهمة وأصحاب المكانة الاجتماعية المرموقة هم أكثر المستفيدين منها فالبعض يرى فيها فرصة سانحة لتحقيق مكاسب شخصية مما جعلها في مضمونها لا تختلف كثيراً عن الرشاوي المتفق على تحريمها .

في ظني رقي المجتمعات يبدأ من تصحيح هذه المسارات الخاطئة بالمبادرة بالانسلاخ من هذه العادات السيئة واقتفاء أثر المجتمعات المتحضرة في الجوانب المضيئة من حياتهم والتي تتطابق حتماً مع تعاليم ديننا أو الرضا بأن نكون مثار سخرية كل الأمم بتطبيلنا وسيرنا خلف المعتوهين واستفتائنا الأفاكين واستنصارنا بالجبناء واستجدائنا اللصوص والمجرمين وإقراضنا الأغنياء حفاظاً على هذه التقاليد.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *