د. إبراهيم بن عبدالعزيز الدعيلج

أصبح كل من حصل منا على شيء من معرفة في أمور ديننا ـ اليوم ـ يرى أن من حقه أن يفتي في كل شيء، ويحلل ويحرم، ويجيز ولا يجيز. ويمكن أن ينصب نفسه قاضياً يفصل في القضايا التي تدور بين العلماء والمتخصصين الأكفاء، وفي المستجدات التي يتناولونها، وقد يتحرجون في الفصل فيها، وقد يترددون.
ولكثرة وسائل الإعلام المعاصرة، وتزايد القنوات الفضائية الحديثة يوماً بعد يوم، وتنافسها في تقديم المواد الإعلامية المثيرة، وحاجتها إلى ملء برامجها بالجديد والقديم، والسمين والغث، وبدون قيود ولا رقابة، بدعوى حرية الرأي، وأن العالم أصبح قرية واحدة.
وهكذا غدونا نقرأ ونشاهد ونسمع ـ اليوم ـ من الفارغين منا محتوى، والتافهين فكراً والباحثين ـ لفراغهم وتفاهتهم ـ عن الشهرة ما يوقع صاحبه في طائلة المقاضاة والمساءلة، لفداحة ما يقول ويكتب، في أمور ديننا بخاصة.
وهذا الوضع، وبهذه الصورة الفاضحة ـ اليوم ـ في وسائلنا الإعلامية ينذر بكارثة ستلحق بمجتمعاتنا العربية والإسلامية، إن لم يتداركه العقلاء فيها بوضع ضوابط محكمة في وسائل الإعلام المختلفة. فليس لأحد أن يخوض في غير مجال تخصصه أو اهتماماته، وليس كل موضوع قابلاً لأن يُخاض فيه في وسائل الإعلام، وهناك موضوعات دقيقة، وموضوعات حساسة، وموضوعات مختلف فيها، ليست وسائل الإعلام محل بحثها ومناقشتها.
وأنا لست ـ هنا ـ مبالغاً حين أقول إن هناك كارثة ستلحق بمجتمعاتنا إن لم نتدارك هذا الأمر. فالفوضى تضرب بأطنابها وسائل الإعلام. وصرنا نقرأ ونسمع ونشاهد الأعاجيب مما يهدم أصول ديننا، ومما يندى له جبين الأسوياء مما ينسف أخلاقنا وخصوصيات مجتمعاتنا. إن لنا ديننا الذي نلتزم به ولنا أخلاقنا وخصوصياتنا التي تميزنا عن سوانا. ولنا ثوابتنا التي يجب ألا تغيرها المتغيرات فينا، فنحن أهل الحرمين، ونحن مأرز الإيمان.
أعرف أن هذا الموضوع يؤرق الكثيرين منا اليوم، وهو موضوع كنت أفكر في الكتابة فيه بين وقت وآخر. وكنت أقول في نفسي ـ في كل مرة ـ لقد اتسع الخرق على الراقع. فالمشكلة كبيرة، وهي آخذة في الكبر ـ أيضاً ـ مع الوقت. وقررت أن أكتب ـ اليوم ـ على خلفية ما شاهدته وسمعته في إحدى القنوات الفضائية الـ«خليجية»، في المقابلة الطويلة السمجة التي جرت بين مذيعة (اشتهرت بفضيحة خادشة للدين والأخلاق) وصحفي سعودي مغمور فارغ (جعله الفارغون مثله روائياً عالمياً) فقد أفتى أو قاء ـ لا فرق ـ بأن لكل منا أن يفهم الدين على ما يريد. وأنه بيننا وبين ديننا رجال دين. وأن علماء الدين هم أناس منافقون. وقال ما قال مما يدل على فراغ محتواه، وتفاهة فكره.
?? قبسة :
إن الله ليبغض الفاحش البذيء.
[ الرسول صلى الله عليه وسلم ]
مكة المكرمة : ص ب : 233 ناسوخ : 5733335

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *