إسرائيل والعدالة القططية

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]أمجد عرار[/COLOR][/ALIGN]

النسبية من أهم المقولات الفكرية وأكثرها فعلاً وحضوراً في حياة الناس عندما يبتلى مجتمع بالعنف السياسي أو الطائفي، ويكون ثمن الخروج من المنزل هو الحياة ذاتها، يشعر الجريح بالارتياح لأنه لم يمت. وحين لا يصل العنف إلى مستوى القتل والجرح، يحمد المرء ربه إذا تمكن من العودة إلى البيت ببعض الرضوض، وإن غابت أدوات الرضوض، تكون الصفعة قبلة على الخد. لكن ماذا لو عمّت نعمة الاستقرار والسكينة والعدل واحترام حقوق الإنسان؟ عندها تتجه الأنظار إلى الحيوان، ويصبح الاعتداء عليه جريمة، ولا بد للقضاء أن يبرر وجوده.\”إسرائيل\” قاعدة الإرهاب الأكبر في العالم، وهذا لا ينكره بعض صحافييها وسياسييها، ومنهم من أنتجوا كتباً دانوا فيها الاحتلال والاستيطان باعتبارهما أبشع الجرائم، لكن \”إسرائيل\” تضيف إليهما القتل والاعتقال وهدم المنازل وسرقة الأرض وتدنيس المقدسات. \”إسرائيل\” هذه الملطّخة أيديها بدماء الفلسطينيين والعرب، والتي تزج بالآلاف في سجونها، أخضعت أحد جنودها للإقامة الجبرية لأنه أمسك قطّاً من ذيله ورفعه عن الأرض قليلاً. وسائل الإعلام \”الإسرائيلية\” أعطت الجندي مسمى\”إيه\” لأسباب أمنية، وربما خشية أن تستهدفه ميليشيات القطط وتؤذيه.
الجيش \”الإسرائيلي\” الذي \”استجاب\” لعشرات الشكاوى الواردة على الصفحة الإلكترونية، اعتبر فعلة الجندي ابن العشرين عاماً معاملة وحشية لحيوان، لذلك تم استدعاؤه واستجوابه، لكن كل دفاعه عن نفسه وادعاءه بأنه كان يداعب القط، لم تجدِ نفعاً، وفرضت عليه الإقامة الجبرية ثلاثة أيام، وقد يحال إلى محاكمة عسكرية.
وفي عودة إلى مقولة النسبية، يمكن القول إنه لو حصل هذا في مكان يسود عدله كل الناس، يصبح العبوس في وجه حيوان جريمة حرب. لكن، ويا لمحاسن الصدف، جاءت هذه القضية متزامنة، في اليوم ذاته، مع خبر مفاده أن محكمة عسكرية \”إسرائيلية\” توصّلت إلى اتفاق مع جندي \”إسرائيلي\” تورّط في قتل فلسطينية اسمها ريا أبو الحاج وابنتها ماجدة في قطاع غزة، فيما كانتا تحملان راية بيضاء أثناء العدوان \”الإسرائيلي\” على غزة نهاية العام 2008.
لو عرض جندي قتل امرأة وابنتها وهما ترفعان راية بيضاء، أمام محكمة حقيقية في أي مكان، لصدرت بحقه أقصى عقوبة توقّع على مجرمي الحرب. لكنّ محكمةً القاضي فيها هو المجرم، يكون الحكم نتيجة اتفاق بين القاضي والقاتل، ويصدر الحكم على الجندي الذي أعطته وسائل الإعلام \”الإسرائيلية\” لقب \”السرجنت إس\”، بالسجن 45 يوماً فقط.فالتهمة خفضت من القتل غير العمد الى استخدام السلاح في شكل غير مشروع. وهذه رخصة للقتل، حيث يمكن لأي جندي أو ضابط أن يقتل عربياً ثم تكون التخريجة جاهزة، وهي استخدام السلاح بشكل غير مشروع، والعقوبة هي السجن 45 يوماً.. وهل يملك أحد وسيلة تمكّنه من معرفة ما إذا كان الجندي القاتل سيدخل السجن دقيقة واحدة؟هذه المفارقة التي مالت فيها كفة القطط في ميزان العدالة \”الإسرائيلية\” على الضحايا الفلسطينيين، جاءت بعد أيام من نشر تقرير ينقل عن أحد المسؤولين العسكريين في \”إسرائيل\” تبجّحه بأن معنويات جنوده ترتفع حين يقتلون عربياً، فيما عمد الجيش الصهيوني إلى وضع علامة \”إكس\” على كل دبابة تقتل فلسطينياً، كنوع من التحفيز.هذا الغيض من فيض ليس سوى دلائل إضافية على أن العنصرية في \”إسرائيل\” سياسة تغطيها فتاوى، وليست أحداثاً فردية. وبعد الجندي \”إس\” قاتل الفلسطينيتين، والجندي \”إيه\” المسيء للقط، ستأتي واقعة جديدة بطلها \”يو\”، لتكتمل الثلاثية \”يو إس إيه\”.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *