إسرائيل أيضا…تقف في الطابور
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] رؤوف شحوري [/COLOR][/ALIGN]
كان الاعتقاد السائد سابقا في المنطقة ان النفوذ الصهيوني داخل الولايات المتحدة هو الذي يرسم السياسة الاميركية وبخاصة في الشرق الاوسط. وكان ذلك بمثابة القول ان الذنب هو الذي يحرك الرأس! ثبت تاليا وكل يوم، ان هذه المقولة المنافية للطبيعة غير صحيحة. وان الولايات المتحدة هي مرجعية كل القرارات الكبرى الاستراتيجية التي تلتزم بها اسرائيل، ولا تملك الخروج عليها، بصرف النظر عن هوية الحاكمين فيها من اليمين او الوسط (اذا كان هناك وسط) او اليسار.
نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة في اسرائيل اظهرت ان المجتمع الاسرائيلي يتدحرج نحو اليمين واقصى اليمين. واوحى ذلك بأن هذا التوجه يسير في خط التصادم المباشر مع توجه الادارة الاميركية الجديدة نحو التهدئة في المنطقة والعالم. غير ان التصريحات الاخيرة لرئيس الحكومة المكلف بنيامين نتنياهو سارعت الى تبديد هذا الانطباع معلنة الاستعداد لمفاوضات السلام الامر الذي يؤكد ان اسرائيل هي الاخرى تقف في الطابور ايضا بصرف النظر عما اذا كانت تقف في وسطه او في اوله!
بات من الواضح ان الادارة الاميركية تعمل على خطين متوازيين في وقت واحد. خط الافضلية الاولى وهو محاولة الخروج من نفق الازمة المالية العالمية التي كانت ادارة بوش المتسبب الاول بانفجارها نتيجة تراكمات مفاسد وسلبيات نظام الرأسمالية المتوحشة. والخط الثاني هو اعداد المسرح الاقليمي والدولي لتطورات استراتيجية آتية بعد تصفية اثار الازمة المالية والصعود من جديد. غير ان مواصفات هذه (التطورات) لا تزال في طي الغيب، وفي الطبقات العميقة للعقل الاستراتيجي لادارة الرئيس اوباما.
الاهداف الاستراتيجية للسياسة الاميركية تبقى ثابتة ولا تتغير. ما يتغير مرحليا هو الاسلوب. والثابتان الراسخان في المنطقة العربية هما: المصالح الاميركية النفطية وغير النفطية. وامن اسرائيل وثباتها واستمراريتها وتفوقها العسكري والتقني في المنطقة. هذا الجزء الاخير من المعادلة المتعلق بـ (التفوق) هو التحدي الحقيقي الذي يواجه اسرائيل واميركا معا في المراحل المقبلة.
بدأت تتشكل في المنطقة معالم معادلة جديدة هي ان اسرائيل تستطيع ان تحتفظ بكل التفوق لبعض الوقت، ولكنها لا تستطيع ان تحتفظ بكل التفوق كل الوقت. وعلى الارجح ان ادارة اوباما ستجد نفسها مضطرة الى حسم هذه الاشكالية في مرحلة لاحقة اذا اتيح لها التجديد لولاية ثانية. واذا اختارت ادارة اوباما ان تحتفظ بتفوق اسرائيل، فذلك سيقودها الى شن حروب جديدة في المنطقة. اما اذا اقتنعت بأن اسرائيل وصلت الى (اخر الخط) ولم يعد في مقدورها ان تفعل اكثر من ذلك فسيكون عليها السير على طريق السلام كخيار وحيد واخير للمحافظة على بقائها…
الأنوار اللبنانية
التصنيف: