أوهام كبيرة
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]يسرا ناصر مهنا[/COLOR][/ALIGN]
تتحكم في الكثير منا أفكار نراها من المُسلّمات التي لا يمكن لحياتنا أن تستمر بدونها. بعض الأفكار تدفع بنا الى الاجتهاد والابتكار والنجاح، وبعضها الآخر في جوهرها وحقيقتها ليست أكثر من أوهام. الشخص الذي يجمد طاقاته ويجلس مكتوف اليدين على أمل أن يفوز ببطاقة يانصيب أو في سحب مصرفي يعيش وهماً كبيراً.ومن يقضي الساعات الطويلة ليلعب ألعاباً إلكترونية ويتخيل نفسه جزءاً منها يعيش عالماً وهمياً.من يبني صداقات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة مثل الفيس بوك وتويتر وغيرهما ويعتقد في قرارة نفسه إنها علاقات حقيقية من الممكن أن تستمر وتصمد مع الزمن فهو واهم تماماً.
الأوهام الشخصية كثيرة وتؤثر في حياة صاحبها وعائلته فقط، لكن الكارثة الكبرى عندما تتحكم الأوهام بمصائر ومقدرات الشعوب.. فالأوهام الجماعية سيطرت على الناس طوال تاريخ البشرية سالبةً إياهم حريتهم ومستقبلهم وقدرتهم على التفكير الصحيح.
الأوهام الجماعية أفرزت التعصب العرقي والعنصرية ضد الأعراق الأخرى والتعصب الديني والمذهبي، الذي راح ضحيته ملايين البشر من كل الأديان والملل والتعصب للقبيلة والجماعة والمنطقة وللنادي الرياضي، الذي نرى نتائجه الكارثية حتى في دول يفترض أنها متقدمة.
الأيديولوجيات التي راجت في القرن العشرين مثلاً وثبت بمضي الوقت أنها ليست أكثر من أوهام، وأسوأ ما فيها إنها كانت تدّعي وحدها احتكار الحقائق، لكن أثبت الزمن بطلانها، فالشيوعية كأيديولوجيا زعم منظروها أنها تمثل المرحلة الأخيرة والأكثر تطوراً في التاريخ، حيث تسود سلطة البروليتاريا (الطبقة العاملة)، بل افترضوا أن إيديولوجيتهم هذه أممية وصالحة لكل الشعوب والأمم بغض النظر عن الخصائص الدينية والثقافية والاقتصادية، التي تميز كل شعب وكل أمة.
ومن الأوهام التاريخية الكبرى التي سيطرت على عقول الكثير من الناس وروجت لفكرة تفوق عرق بشري على غيره من الأعراق وأنتجت أيديولوجيات عنصرية مثل الفاشية والنازية، والتي أدخلت البشرية في أتون حرب عالمية أهلكت الملايين من البشر ودمرت أوروبا بأكملها وأجزاء واسعة من آسيا وشمال إفريقيا.
آن لنا ونحن نعيش في تطور علمي وتقني لا سابق له ولم تعرف له البشرية مثيلا ألا نسمح للأوهام أن تتحكم فينا وأن نفكر مرتين قبل أن نقدم على أي فعل.
التصنيف: