عفواً .. دعوني أعرفكم على مهنتي ورسالتي الوظيفية ، لكن قبل ذلك أريد منكم أثناء تعريفي هذا أن تنزعوا عنه الصفة الشخصية ، فحينما أقول( أنا ) ، فهي تعني لسان حال كل معلم ومعلمة على تراب هذا الوطن ، وما دمنا اتفقنا على ذلك ، فسأبدأ : أنا محبكم المعلم ؛ أول من علم كل فرد في المجتمع، ماذا تعني لوحة الشرف ،

وماذا يعني مفهوم النظام ، ولماذا نقف في الطابور ونحترم الدوَر ، تقدر تقول: الشخص الوحيد الذي قولب الثلثين من عمره في وظيفة ( الأب البديل ) لكل أب في المجتمع ، حتى غدا من غير المسموح له أن يخرج عن هذا القولبة ، إِنْ زَل ! قالوا: زل المعلم ، وإن نسي قالوا: نسي المعلم ، وإن مازح أو ضحك قالوا: انظروا .. إنه معلم !!

أنا محبكم الذي علم ذلك الرسام الكاريكاتيري كيف يمسك الريشة ، وكيف يتلاعب بالألوان قبل أن يصبح مشهوراً، ويرسمني بسخرية على نصل صحيفته ، والذي علم ذلك الكاتب الكبير أبجديات اللغة وأدوات الكتابة قبل أن يصبح ذا شأن في الأدب والثقافة، ويكتب مقالاته اللاذعة عني ، والذي علم الممثل الكوميدي كيف يقف على المسرح،

ويعبر عن نفسه أمام الجمهور، قبل أن يصبح ذائع الصيت، ويجسدني في أدواره الساخرة ، إنه أنا يا سادة ؛ من غرس الثقة في نفس الطبيب والشيخ والوزير ، ومن سهّل الأرقام وأنماط الحساب في ذهن ذلك التاجر الكبير ،

ومن حطم الخوف في قلب كابتن الطائرة، وذلك الجرّاح العظيم ، ومن درس القاضي قيمة العدل قبل أن يلقبوه صاحب الفضيلة ، وقال للجندي قبل أن يحمل البندقية: إن الدفاع عن الوطن شرف وكرامة .

نعم إنه أنا !! ذاك الذي ليس له ولعائلته أي مشفى تخصصي يلوذ إليه، كلما نخرت جسده الأمراض ، أو على الأقل وثيقة تأمين من راتبه تغنيه عن رذيلة تسول الواسطات في المستشفيات المرجعية ،

باختصار .. أنا الشخص الوحيد الموجود في ذاكرة الجميع ، وله بعد الله، الفضل على الجميع ، ومع ذلك ليس له أي نقاط أولوية في أي شيء ، حتى إجازاته المحسود عليها تصنفها الشركات والفنادق بالأوقات الموسمية .

على أية حال ؛ لا يوجد شخص بلا أخطاء؛ لذا لابد لي في الختام أن أبوح لكم بخطأ ارتكبته ، سأعترف به قبل أن يصلكم من غيري ، لكني سأقوله هذه المرة همساً !! : أظنني لم أعط المجتمع كل الدروس الهامة ،

لقد اكتشفت أن ثمة درسا أشك أني نسيته !! أو لم أُولِه القدر الكافي من الاهتمام ، إنه درس الوفاء !! نعم.. الوفاء، وإلا بالله عليكم، ما الذي يضطرني أصلاً للتعريف هنا بنفسي، لو كان ثمة وفاء ؟

Tanouma61899 /P.O:198
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *