بقلم الكاتبة : البتول جمال التركي

عندما تصبح (القرابة) و(القبلية ) أولى بالتعيين القائم في مؤسسات الصحافة الوطنية فإن الأمر يكون محبطاً للكتّاب والمتميزين المُستبعَدين من التعيين حين يرون مَنْ هُمْ أقل منهم كفاءة يستولون على أعمدة الجرائد والصحف والمجلات التي حُرموا منها في جهازٍ تؤول تبعيته وملكيته الحقيقية في النهاية إلى جميع الناس.

ومؤسسات الصحافة الوطنية ليست شركات عائلية يتصرف فيها مدراؤها ورؤساء تحريرها حيث انعدمت معايير التعيين والاختيار إلا ما وافق (مزاج ) الإدارة في تلك الصحيفة أو المجلة وفق قانونه ورغباته الخاصة، وإنما الصحافة هي باب الفكر وهي شخصية المجتمع وهي البوابة لعبور فكر المجتمع للغير .
وعندما يشعر الكتّاب الحقيقيون بالغبن وهم يرون الواسطة تزيحهم وتلغيهم وتفرض من هو أقل كفاءة منهم وعندما تتكرر هذه المواقف وتكون أعمدة الجرائد (حكراً) و(حصرياً ) لأقارب المدير والمقربون منه شخصياً نتائجها كارثية على المستوى الثقافي والعلمي .
إن وجود هذه الظاهرة والسلوكيات السلبية في سوق الصحافة المحلي وانعدام معايير التعيين وغياب قوانين تحاسب الإداريين في هذه المؤسسات ، فضلاً عن عدم وجود قواعد حاسمة منظّمة للعمل وللترقّي، وأهمها الوعي بأخطار الظاهرة نفسها، والالتزام الصارم لدى الجهات المعنية في ديوان الخدمة المدنية لمحاربة هذه الظاهرة، وجميع ظواهر الفساد الاقتصادي والإداري الأخرى، وإصرار أفراد المجتمع ومؤسساته المدنية على اتباع القيادة لما التزمت به تحقيقاً لاستمرارية هذا الالتزام، ووضع نظام للإدارة العامة يقوم على الاعتبارات المهنية السليمة وإلغاء التعقيدات الإدارية المساعدة لتعيين الأقرباء وأبناء القبيلة ، خاصة في ظل الإجراءات التي تشهدها الدولة حالياً والذي يفرض عليها الأخذ بالمزيد من سياسات الشفافية والوضوح والمساءلة .وهذا بدوره يطرح قدرة القوانين والتشريعات المحلية بشكلها الراهن على مواجهة مظاهر (أمسك لي وأقطع لك) الذي يؤثر بصورة سلبية في قطاعات الاستثمار والإنتاج والفكر ، ويوجد بيئة غير صالحة للعمل والإنتاج.
أتمنى أن تقوم هيئة مكافحة الفساد «نزاهة» ببذل مجهوداً أوسع لتعقب هذه الظاهرة فإنها تسدي خدمة كبيرة للوطن والمواطنين وترتقي بأداء الأجهزة الإعلامية .
الواسطة سلاح قاتل يقود المجتمع إلى مستنقعات الجهل وعدم الإبداع ، وهي موجودة في كل زمان ومكان، لكنها تتقلص عندما تتوفر الشفافية والمحاسبة.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *