أسقام المرء وأوجاع الزمن

Avatar

[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]سمية الميمني[/COLOR][/ALIGN]

يبقى المال عصب الحياة، وحاجته الملحة للغني والفقير واضحة للعيان، فإن كان الفقراء بحاجة ماسة لحفنة من المال لسد احتياجاتهم الأساسية، فالأثرياء أيضا يجرون خلفه جري الوحوش لتحقيق رغباتهم الحياتية على أكمل وجه، والمترقب للأوضاع الحالية في الدول والشعوب وعلى مستوى الأفراد سيجد الأمر جليا، بأن حرب اليوم حرب مالية في مجملها، وإن كانت هناك أسباب أخرى مرافقة ومساندة إلا أن تحقيق الاستقرار المالي كاد أن يكون على رأس الهرم.والثورات التي تجتاح الدول العربية في الآونة الأخيرة والمعارضات المعلنة المليئة بالغضب والجنون تكشف لنا حقيقة هذه المعاناة، فعندما يصل الظلم والقهر مصحوبا بالفقر إلى ذروته ، هنا تنفجر كل المكامن النفسية وتأتي ردود أفعال غير متوقعة ، فالدنانير والدراهم كما يقولون مراهم على أسقام المرء وأوجاع الزمن .
وما شدني للحديث حول هذه القضية .. هي فرحة الطلبة في الجامعات بإقرار اللجنة التعليمية بمجلس الأمة الكويتي برفع سقف المكافأة الجامعية، والتي جاءت بعد ضغوط من الاتحادات الطلابية ودعم الجمعيات والروابط لهذه الزيادة، ورجعت بي عجلة الذكريات لعام 2007 حين طالب اتحاد الطلبة مجلس الأمة بتعميم المكافأة الجامعية على جميع الطلبة ، وكان شعار الحملة (الكل يستاهل) فصارت المكافأة للجميع بعد أن كانت لمن ظروفهم صعبة فقط ، فانتشرت البسمة على شفاه الطلبة وعمرت قلوبهم بالسعادة.
والعبرة أننا في دولة نفطية ثرية تتميز بالدخل العالي للفرد والأسرة، و(ما علينا قاصر) واهتمامنا غالبا بكمالياتنا الثانوية أكثر من احتياجاتنا الأساسية، ومستوى سيارات ونظارات وحقائب طلبتنا أحيانا أفضل من الأساتذة والدكاترة، والتعليم مجاني في الجامعة ، ومع هذا تبقى الزيادة المالية لها وقع خاص على القلوب ، لأن رائحة الدنانير زكية وطعم النقود لذيذ ، والنفس تشتهي المزيد ، وكذلك \” زيادة الخير خيرين \” كما يقولون ، لكن علينا هنا أن نراجع أنفسنا في بعض الأمور أولها حمد الله وشكره على هذه النعمة العظيمة وهي نعمة الأمن والاستقرار وثراء الدولة، التي من بعدها نجني ثمار كثيرة ، ثانيا استخدام هذه النعم فيما هو مفيد ويرضي الله .
أما الأمر الثالث فهو طلب ودعوة من القلب لكي نشعر بالآخرين، ونحيي إحساسنا بالمسؤولية تجاه المعسرين، في ظل سعادة الجموع الطلابية بزيادة مكافئتها الجامعية لا ننسى أننا في العالم اليوم نعاني من وجود 750 مليون شخص أمي حسب إحصائيات يونيسكو في 2010 ، هذا الرقم الخطير من الأميين في عصر الانفتاح والعولمة والتكنولوجيا الحديثة لأمر موجع ، وما يدمي القلب أكثر ويدمع العينين هو أن معظم الأميين في العالم من الوطن العربي والأمة الإسلامية.
أمة (اقرأ) لا تقرأ ولا تكتب.. فقط لأنها لا تملك المال الكافي لذلك، في حين نحن العرب والمسلمين تضيع أموالنا في السفر والنزهات وشراء أزياء وأحذية من أغلى الماركات، أعضاء من جسدنا الإسلامي يعاني من سقم الأمية وأمراض الجهل والجرح يدمى ، وأعضاء أخرى من نفس الجسد تعيش الرفاهية والدلع، بل تصرف الآلاف لتحقيق الرغبات الزائلة، متى سيحين موعد التلاحم ويشد بعضنا أزر بعضه ؟؟ ألم يحن الوقت إلى الآن ؟
كاتبة كويتية

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *