عبد الناصر بن علي الكرت
عندما تكون على مقربة من قرية ذي عين الأثرية بمنطقة الباحة ، تأخذك الدهشة وأنت تطالع – بمنتهى الإعجاب – لوحة رائعة أبدعتها يد رجل بني عمر الأول – الذي تنسب القرية إليه – والذي أجاد اختيار الموقع وأتقن عمل اللوحة بفن وإبداع فريد .استطاع أن يستنطق الجمال ليتحدث بلغة يفهمها كل من يزور هذه القرية المتميزة بمبانيها الشامخة المتناسقة وطرازها المعماري الهندسي الرائع وتصميمها النادر بطرقها ومداخلها ومخارجها المنظمة وساحاتها ومساجدها وتدرجاتها المدروسة وشكلها العام المتموسق مع الطبيعة الفاتنة من حولها .
فهذه القرية الجميلة بحجارتها المرمرية التي قدت من الجبل الرخامي الذي تتسنم هامته .. نسجت علاقتها الدائمة مع الشمس والقمر ، لانعكاسات الشُعَاع نهارا وانسكاب الضوء في الليالي المقمرة . فبدت كنجمة وسنى متلألئة تستهوي الشعراء الحالمين والعاشقين .
وفد زادت روعة هذه القرية بإطلالتها المميزة على مزارع الموز والكادي والليمون ، والتي تظهر دائمة الاخضرار والإنتاج ، وهي تتغذى من النبع الزلال الذي ينبجس من بين الصخور بمياهه الرقراقة المنسابة عبر السنين من خلال جداولها الموصلة لجميع مزارعها في نظام ري متعارف عليه بين أهالي تلك القرية من قرون مضت ، يزيدها جمالا أشجار النخيل الباسقة التي تقف بشموخ بين تلك الدوحة لتكتمل لوحة البهاء .
حيث تشدك إليها كثيرا وأنت تصافح الآثار العريقة وتقرأ التاريخ الحي وتتأمل الفن والجمال الآسر .
فغدت ذي عين كتحفة فنية حفظها الزمن فزادت قيمتها ! وتستوقفك أكثر وأنت تطالع الجمال الأسطوري والفن الخالد . وتأخذك إلى عوالم أخرى أكثر دهشة وأنت تقف تحت ظلال أشجارها الفارعة تشنف مسامعك بأجمل موسيقى مع صوت الشلالات وخرير الجداول وشدو البلابل وتغريد العصافير الملونة فلا تملك أن تسبح الخالق العظيم على هذا التفرد والجمال .
فقرية ذي عين تشكل عامل جذب كبير للسياحة إلى منطقة الباحة وقد سعدت جداً بمقابلة طبيب هندي قادم من الرياض يسأل عن موقع ذي عين ؟
غير السعوديين الذين يأتون بأعداد كبيرة مع عائلاتهم للاستمتاع بالهدوء والصفاء والجمال الأخاذ ، مما يعطي الانطباع بأن الهيئة العليا للسياحة والآثار قد نجحت بشكل كبير في برامجها وأنها تمضي بخطى ثابتة لأداء مهمتها لتحقيق الأهداف الوطنية العليا . والتي تستحق معها كل الشكر والتقدير . فتحية للرجال العاملين بإخلاص وفي مقدمتهم مهندس السياحة والآثار في بلادنا سمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز الذي يرجع له الفضل بعد الله في العناية والاهتمام بهذه القرية وتقديم الدعم المتواصل لتصبح بهذا المستوى المشرف .ونأمل جميعا أن تصنف عما قريب ضمن التراث العالمي فهي جديرة بذلك .

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *