[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمد المنقري[/COLOR][/ALIGN]

هذا هو المبلغ الذي أعلنت عنه مصادر اقتصادية قبل أيام في حديثها عن نسبة التحويلات التي أجراها المقيمون في السعودية خلال العشر سنوات الأخيرة إلى بلادهم، وقد يتضاعف هذا الرقم إذا التفتنا إلى العمليات غير القانونية التي قد يتبعها البعض من المقيمين النظاميين او غيرهم.
وفي كلتا الحالتين يأتي الرقم مهولاًويدفع إلى مزيد من التساؤلات حول فرص العمل المهدورة في حين يبحث وينتظر الآلاف من ابناء البلد عن فرص وظيفية تحقق لهم العيش الكريم وهم يرون الاحتفاء بالعامل والموظف الوافد على حساب أمنياتهم.
طبعاً الافراد لايملكون الحلول السريعة لكنهم يحتاجون إلى الأعمال المؤسساتية التي يمكن أن تؤديها وزارة العمل ، او وزارة الاقتصاد ، أو التجارة استناداً على دراسات مسحية ووعي بأبعاد المشكلة بعيدا عن البهرجة الإعلامية، وكنت وما زلت اتمنى أن يعقد مؤتمر وطني كبير يشارك فيه الشباب وأصحاب المنشآت لمعرفة الحل الحقيقي لواحدة من أكثر المشاكل الوطنية الراهنة.
هناك أيضاً نظرة قديمة ترى في الشاب السعودي قدرا من الدعة وأحياناً \”الدلع\” إن صح التعبير وهي نظرة فيها قدر كبير من التعالي والحكم الجاهز لأننا نرى اليوم اعداداً من الشباب يؤدون شتى الاعمال في ورش السيارات، وقيادة المركبات الكبيرة والصغيرة ، وفي شركات الكهرباء والاتصالات ، وحراسة المنشآت الصناعية، ومطاردة الركاب في سيارات الأجرة ليقولوا للجميع أننا نبحث عن اللقمة الشريفة مهما كان الثمن، لكنهم أيضا يشعرون بالغبن حين يعملون ساعات طويلة في مؤسسات ربحية شهرية ثم يخصص لهم الفتات ، ويذهب الدسم الى حساباتهم تدعم الرقم البسيط الذي حل عنواناً لهذا المقال.
شخصياً اعرف عشرات بل مئات الشباب الطموح الذي يأمل في وظيفة كريمة ولعل آخرهم أحد ذوي الاحتياجات الخاصة الذي يحمل شهادة في الحاسب الآلي طاف البلاد من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، وأجرى عشرات المقابلات في الغرف التجارية، والقطاعات الصناعية، وأعرف جيداً مدى حرصه وانضباطه لكنه منذ سنوات تأكل أحلامه فلول من اليأس بالأبواب لم تفسح له ليثبت جدواه ، ولم يمتلك المبلغ المالي الذي قد يوفر له تدشين مشروع صغير يعيش منه بكرامة.
يروي أحد المتعاملين في سوق للأقمشة في جدة مدى هيمنة لوبي شهير من جنسية آسيوية على السوق وكيف يمدون خططهم الجماعية لإفشال اي شخص يحاول الاقتراب من امبراطوريتهم المغلقة.
وشخصياً عرفت ذات يوم كيف يحظى الوافد بالتقدير من قبل مندوبي البلديات، وكيف يشددون الخناق إذا عرفوا أن المحل يدار من قبل مواطن ورأيت الكثير من المشاريع الصغيرة تقفل تبعاً للاضطهاد الذي يجدونه من قبل البلديات أو غيرها.
ومن ظريف مايمكن أن نرويه في هذا السياق ما نشرته مجلة إيلاف الإلكترونية قبل أيام عن نسبة العاملين في سوق الاعلان السعودية ضمن تصريح لعبد الله الطويرقي عضو مجلس الشورى واستاذ الاعلام المعروف الذي اعلن تدشين أول كلية للاعلان في البلاد. المؤسف أن التقرير لم تبثه إيلاف سوى ثوان معدودة ثم حذفته نهائياً ويمكنكم التفكير في السبب.
وختاماً أرجو أن نعي جميعاً ما لكثير من الأخوة من كل الجنسيات من أدوار يؤدونها لصالح النهضة في البلاد، لكن يجب أن نؤمن ونتيح الفرص لأبناء الوطن حتى لا يتحولون إلى متسولين ففيهم طاقات تستحق الاحتفاء والتقدير.
[email protected]

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *