40 عاماً.. أولها حرب وآخرها حروب

• عبدالرحمن آل فرحان

كل عام وأمتنا العربية والإسلامية بخير .. ها هو العام الميلادي 2014 م يلوح بيديه راحلاً للماضي .. حاملاً ملفات أيامه ولياليه نحو خزينة الذاكرة التاريخية المثقلة بأحمال مضت لم تزل تطل على وعي أمتنا بآلامها وحسراتها.
حينما أتيت لهذه الدنيا قبل نحو أربعين عاماً كان جزءاً من الجسد العربي غارقاً في دماء أطفاله وشيوخه ونسائه جراء احتراب الشعب اللبناني مع ذاته ، كانت تلك الأحداث أول ما وعيته في طفولتي من مصائب أمتنا بعد مصيبتنا الكبرى ( احتلال فلسطين ) ، ولم أزل أتذكر وقع هذا المصاب الجلل في تعليقات وتمتمات والدي يرحمه الله أمام نشرة الأخبار ، رغم أن شرارتها الأولى قد اندلعت قبل مولدي بعام واحد .. لكن استمرارية تلك الحرب الملعونة في التنامي بالترافق مع تنامي الإدراك وحاسة التذكر لدي هي ما جعلتها تحتل المساحة الكبرى في ذهني سيما وأنها كما قلت لكم كانت في عمر مقارب لعمري .. إلا أنها توقفت بعد ذلك في عامها السادس عشر بفضل من الله تعالى ثم بجهود المملكة العربية السعودية تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز يرحمه الله تعالى فيما يعرف تاريخياً وسياسياً باتفاقية الطائف ، بينما واصلت أنا رحلتي مع الحياة.
كنت أظن وقتها لبشاعة تلك الحرب أن العرب لن يسمحوا بتكرارها أبداً في أي بقعة عربية مهما كانت الظروف ومهما استعرت نبرة التجاذبات السياسية ، لكن ظني لم يكن في محله ، فها هو العام 2015 الجديد يطل على حاضرنا البائس ولم يزل الجسد العربي غارقاً في دماء أبنائه ، الفرق أن جراحه هذه المرة تعددت .. جرح في سوريا وجرح في العراق وثالث في اليمن ورابع في ليبيا !! وكأن الحروب الأهلية بين أبناء القُطْر الواحد هو قدر هذه الأمة الذي لا مناص منه ، زهاء الأربعين عاماً مضت وكل ما عاينته من حال أمتي البؤس في شتى مناح الحياة ، إن قلّبنا دفاتر السياسة وجدناه ، وإن راجعنا حسابات العلوم والتقنية وجدناه ، فإلي متى ونحن نترنم بأغنية النهوض دونما ترجمة حقيقية لكلماتها ؟ وإلي متى تظل منطقتنا العربية سوقاً للتناحر والتباغض والفتن ؟ ما الذي ينقصنا لنكون بلدان المحبة والأمن والسلام؟.

[email protected]
twitter: @ad_alshihri

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *