[ALIGN=LEFT][COLOR=blue] علي محمد الحسون[/COLOR][/ALIGN]

•• كانت صفحة مياه \”النيل\” في ذلك الصباح الخريفي هادئة على غير العادة او هكذا بدت له من خلال زجاج الفندق المطل على النيل حيث اعتاد ان يتناول وجبة افطاره وهو يقلب صفحات صحف ذلك اليوم عندما قطعت عليه استرساله في ملاحقة بعض \”المراكب\” التي تقطع \”النيل\” ذهاباً واياباً: توقف امام ذلك \”الحضور\” البهي وهي تمسك بيد تلك الطفلة البريئة النظرات كانت في داخل ذلك \”الثوب\” بني اللون وبذلك \”الشال\” الذي تلف به كل رأسها حيث حددت بذلك صفحة \”وجهها\” الذي بدا له \”كالبدر\” ليلة تمامه.
أغضى عينيه على \”طبق\” الاومليت الذي امامه لكنه راح – بركن – عينه يتابع حركتهما حيث اتخذتا مقعديهما في الجانب الآخر.
راح يتساءل من تكون استغرقه التساؤل فتحولت حروف الصفحات التي يقلبها بين لحظة وأخر الى حالة من \”التشابك\” لم يعرف ماذا اصابه فجأة قطعت \”ارتباكه\” عندما أتته – الصغيرة – تقفز للامساك \”ببالونتها\” التي انفلتت من يدها لتصل اليه، مد يده الى \”البالونة\” راق له الامساك بيدها. قائلا لها بعد ان أمسك \”بالبالونة\” بيده الاخرى ما اسمك من خلال ضحكة خفيفة قالت – عهود –
هذه أمك؟
افترشت وجهها ضحكة مشرقة وهي تقول لا هذه أختي.
ذهبت وهو تشاغل بتقليب \”الصحف\” وان كان فتح \”أذناه\” لالتقاط ما تهمس به في اذن – أختها –
لاحظ بعض \”الرضا\” على ملامحها.. لكنه تشاغل بطبق \”الاومليت\” الذي امامه.
كانت صفحة زجاج المطعم تستقبل زخات من حبات المطر المتساقط، كان احساسه بالرضا يغسله من الداخل فيشعر بشيء يعتمره كأنها لحظة هدوء نفسي ورغبة في الانعتاق من كل شيء.
صمت فجأة .. كان شيئاً تلبسه بدا لي ان صمته طال قليلا قلت له ماذا بعد انك تبدو لي أحد كتاب القصة المتمكنين من ادواتهم القصصية.
لاحت ابتسامة خفيفة على صفحة وجهه ولم يعقب.. لقد كان يقص عليّ \”حكايته\” التي مرت به او هو الذي مر بها.. لكنه قطع الصمت بيننا عندما قال انني استرجعت كل هذا لأننا نجلس في نفس المكان الذي كان حيث كل شيء في مكانه لم يتغير هذه الستائر لم تتبدل وهذه المقاعد هي ذاتها حتى صفحة \”النيل\” لم تتغير كل الذي تغير فيها هو نوعية \”الناس\” التي كانت تجد راحتها على شاطئيه لقد تغيروا لم يعودوا في براءتهم ولا في انسيابيتهم المعروفة لقد تحولوا الى ما يشبه \”اولئك\” \”النمور\” التي تحاول .. تهشيم كل ما هو أمامها.
ياه .. أين مصر تلك الهادئة؟ التي تعيش في رضا والكل حولها يدور مستمدين منها كل شيء؟
كنت استمع اليه في \”ذهول\” وانا الذي عرفت – مصر – منذ \”الستينات\” بكل زخمها الثقافي والسياسي والاجتماعي والاعلامي بذلك التفرد الذي كانت عليه في مقدمة الدول العربية لكنه \”سرق\” مني ما احمله عن مصر ليلقيه على أذني فبهرت بهذا الذي قاله.
قلت له لقد اخرجتني من فضاء \”قصتك\” التي عشتها في هذا المكان دون ان تكملها، ارخى رأسه واغمض عينيه وهو يتمتم تلك \”قصة\” طويلة.. طويلة.. ليس حينها الآن.
دلقت بقية فنجان القوة في جوفي ووقفت مودعاً له.. بينما هو ظل يسترجع ذكرياته التي تعيشه ويعيشها انه ذلك الانسان الذي لم تفارقه حيويته – الذهنية – رغم مرور الايام بحلوها ومرها.. وبكل ما فيها من صعوبات ومآسي.
كان ينظر اليها نظرة اللا مهتم بها وبقسوتها، انه الانسان الحالم بشفافية الايام رغم \”مماحكتها\” له انه القادر على القفز على كل الاشواك المتناثرة في طرقاته وحياته.

•• آخر الكلام
الذكريات هي الزاد الذي يجد فيه الانسان راحته او شقاه.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *