يوميات أنون فى بلاد المجنون

نيفين عباس
مقال اليوم على مواطن ليس له بلد معين أو توقيت معين أو حتى مغزى معين ! ولكننا يا سادة يا كرام إن نظرنا حولنا لوجدنا نموذج “أنون” منتشر بكثرة ويعانى المواطن أنون فى يومياته أشد معاناة مع نموذج كهذا الفضولى الذى يجلس جوارك يطالع جوالك وأنت تقرأ الأن أو السخيف الذى تشاهده فى جميع ملامح البشر فى الوقت الذى تتمنى لو لم تقابله حتى بأحلامك !

أنون مواطن نموذجى بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، يمتاز بالرفض من جميع المصالح الحكومية والفشل التام فى العثور على أى وظيفة أحلام أو حتى التخطيط للزواج ، أنون مواطن لا يصلح سوى للرفض فهو يستيقظ صباحاً على صوت الراديو ثم يبدأ نشاطه المعهود مثلما يفعل كل يوم ، يستيقظ أنون من فراشه ثم يذهب لينظر لوجهه فى المرأة فى نظره عميقة لا معنى لها ثم يتناول إفطاره وينطلق فى رحلة البحث عن الوظيفة فى بلاد المجنون ، ذلك المجنون الذى كلما تحدث تورطت بلاده فى الكثير والكثير من المشاكل التى لا حصر لها ، الحاكم المجنون الذى يحكم بلاد أنون ما هو إلا خليط من ممثل قدير على أخر فاشل فعندما يتقمص المجنون شخصية الممثل القدير نلاحظ منه أن الدموع سريعاً ما تأتى وفى الغالب من عين واحدة فقط ولا أدرى ما السر فى ذلك ! أيضاً نجد بعض التغيير البسيط فى الملامح ونبرة الصوت يصاحبها القليل من الإحمرار فى الوجه وبعض السيولة من الأنف والتى تخترق سمع جميع الحضور لأنه ببساطة يمسك بالميكروفون بين يديه ! ولكنه للأسف بعد كل الجهود المبذولة يكتشف الجمهور سريعاً أنه ممثل فاشل ولا أمل به ، بالعودة إلى أنون نجد أن المجنون جزء لا يتجزء من معاناته فبلاد المجنون يتحكم بها بعض الفئات التى لها كامل الحق فى الوظائف والحياة بمعنى أصح أن أنون ومن على شاكلته كل ما يملكونه هو الدعاء فقط على تلك الفئات أو الحل الأسهل وهو قطع خدمة الإنترنيت عن المنازل حتى لا ينتشرون على مواقع التواصل الإجتماعى يسبون ويلعنون فى منشورات لا حصر لها ودائماً تكتب أخر كلمات تلك المنشورات خلف جدران السجون بعد توجيه تهمة عدم تركيب “الفلتر” أثناء التحدث عن النظام ! رحلة بحث أنون فى بلاد المجنون على وظيفة كمغامرات سندباد البحرى التى لا نهاية لها فعندما يدخل أنون مكتب أحد المسؤولين والذين هم فى الواقع غير مسؤولين يجد حالة من التجهم على وجه الموظفين الذين يكونون فى إستقباله وكأنهم سكرتارية إبليس فما يكون منه إلا أن يتراجع بعض الخطوات للوراء لحفظ ماء الوجه وأحياناً الحرية ! أيضاً عند الذهاب لأحد المصالح الحكومية وما أدراك ما المصالح الحكومية فى بلاد المجنون ! يجد حالة من اللامبالاه وعدم الإهتمام فهو ما إلا مواطن تافه لا شأن له فليس بدرجة أحد من الغير مغضوب عليهم أو أحد الوزراء الذين يفترشون لهم الأرض بالورود مع ملاحظة إزالة تلك الورود بعد إنتهاء الزيارة الميمونة ! وينتهى به المطاف إما أن يقوم بتوصيل الأوراق بين المكاتب فى رحلة صعود ونزول على السلالم الحكومية المُكسرة أو تنظيف بعض الخضروات للموظفات العاملات الذين لا يستطعن التوفيق بين العمل والمنزل ، يخرج أنون من دائرة الحكومة ليدخل فى دائرته الإجتماعية ، فنجد أنه إجتماعى من الدرجة الأولى فهو لا تفوته أحد المناسبات السعيدة أو الحزينة فهو بالتأكيد كإنسان يحب أن يشعر بالشبع من بعض الوجبات التى تكون فى تلك المناسبات لأنه ببساطة لا يمتلك المال الكافى ليسد جوعه ، أنون فى نظر بعض الحقوقيين ضحية وفى نظر حكومة المجنون مواطن على درجة كبيرة من الثراء لذلك يجب عليه تسديد الفواتير ودفع الضرائب ودفع فاتورة النظافة التى تفتقر الشوارع إليها ! ولكنه فى الواقع ما هو إلا مشاهد فى مسرحية هزيلة أبطالها يلعبون الأدوار عليه بمنتهى الحرفية فهو لا يستطيع أن يواكب هؤلاء أو هؤلاء لما يتمتع به من طاقة سلبية وإحباط تسبب بها الفقر والسخط الذى يقع عليه بصفته مواطن “درجة ثانية” وليس مواطن “درجة أولى” أى من الفئة التى تحدثنا عنها فى السطور الأولى ، إلى كل أنون يقرأ تلك الكلمات الأن إختر دورك فى تلك الحياة إما مشاهد أو ممثل

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *