يا معالي الوزير .. أعطيك من عمري سنوات
محمد الفايدي
.. يعلم الله أني صادق لو يُعطى من العمر شيء لأعطيتك من عمري سنوات لأنك الأقدر مني في خدمة المجتمع.
ومنذ أن امتهنت الصحافة وأنا حريص كل الحرص على وجود تلك المسافة الفاصلة التي تفصل بيني كصفحي وبين المسؤول. كبيراً أو صغيراً، حتى تعبر من خلالها مشاكل ومعاناة المواطن صغرت أو كبرت رغم حرص معظم المسؤولين على تضييق هذه الفجوة جدّاً حتى يضمن ذلك المسؤول ويرتاح من إزعاجات ودوشة الصحفي التي تخرجه أحياناً حتى عن طوره إذا كان ذلك الصحفي من تلك النوعية المنحازة للقارئ الذي يريد أن يرى معالجة لهمومه ومشاكله في الجريدة التي يدفع ثمنها من قوت يومه كل صباح.
ولا أذكر أن هناك استثناء من هذه القاعدة سوى عدد قليل من المسؤولين الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة والذين أيضاً يشجعون الصحفي – إذا لمسوا صدقه – على أن يكتب ما يشاء بدون إحم أو دستور كونهم وزراء أو وكلاء أو مديرين يملؤون مناصبهم ثقة وتفعيلاً وحراكاً ومن الذين أيضا يضيفون إلى المنصب لا المصب هو الذي يضيف إليهم.
ولا أكتمكم سرّاً إذا قلت إن الدكتور غازي القصيبي وزير العمل أحد هؤلاء الكبار فقد أضاف إلى المنصب الشيء الكثير ولم يضف إليه المنصب أي شيء على اعتبار أنه أديب وشاعر تتحدث عنه الركبان قبل المنصب وبعده ـ رد الله غربته وأعاده إلينا سالماً معافى.
ومازلت أذكر أبا يارا عندما تسلم زمام وزارة الصحة وكيف اخذ يغربلها من رأسها حتى أخمص قدميها وكيف فوجئ المواطن بتحسن الخدمات الصحية في فترة قصيرة جدّاً بعد أن اصبح يجد له سريراً إذا مرض ويتسلم الدواء فور كتابة الطبيب روشتة الدواء.
كل ذلك لأن أبا يارا الوزير الجديد يفاجئ قطاعات الصحة حينها بزيارات ميدانية غير مبرمجة تربك الخامدين والمتقاعسين وتقول لهم: أنا هنا لا نامت عيون الجبناء.
في كل الوزارات التي تسلمها \”أبا يارا\” كان وزيرا يضرب به المثل حتى من كانوا يختلفون معه أكدوا أنهم يكنون له الاحترام والتقدير.
لم أقابل هذا الرجل في حياتي ولكن في كل انتقاداتي الشديدة لوزاراته المتعددة – وخاصة وزارة الصحة – لم ألمس أو اسمع يوما عن تذمره او غضبه سوى مرة واحدة عبارة عن توضيح لمعلومة صحية: لم أكن على دراية بكامل جوانبها.
وهكذا هم الوزراء الشجعان الأكفاء الذين يملؤون مراكزهم ديناميكية ومقدرة وعطاء، ولو الأمر بيدي لأعطيتك أيها الوزير الشجاع الشهم المعطاء سنوات من عمري لتحقيق بقية أمنيات اعرف أنك لم تحققها للمجتمع في وزارة العمل بسبب المرض ـ شفاك الله ـ ولكن ستظل كبيراً. وذهنك الثاقب والوقاد وبعد نظرك هو الذي اختار كفاءة ومقدرة مثل الدكتور عبدالواحد الحميد نائباً لك.. وصحيح هنا أن البيض الطازج يتدحرج على بعضه وليس العكس وإذا كان هناك وزير أعطى لمجتمعه كل حياته ولم يأخذ شيئاً البتة فهو ذلك الكبير غازي القصيبي ـ شفاه الله.
التصنيف: