[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]فهد بن محمد علي الغزاوي[/COLOR][/ALIGN]

قال لي صديقي – غفر الله له – في جلسة ودية ضمّت عدداً من الزملاء قائلاً: (يا أخي لا زال الغرب يحقدُ على المسلمين ويحيكُ ضدنا المؤامرات)، وها هي فرنسا اليوم تقود حملة على النقاب في أراضيها التي يعيش بها أكثر من (5 ملايين مسلم)، (2000 منهن منقبات) ثم يردف صديقي قائلاً: (إن فرنسا ترى في النقاب خرقٌ لقانونها، كما هو تميز بين النساء على أراضيها وتمنع ارتداء النقاب في الميادين العامة والحدائق والأسواق حيث وضعت غرامات مالية مُكلفة لمن ترتدي النقاب وهل هو بدافع شخصي أم تحت ضغوطٍ من أطرافٍ أخرى).
قلتُ: إن السبب في ذلك يرجعُ إلى دواعي أمنية، وقلتُ: إنها حرة في فرض ما تراه كفيل لسلامة أرضها ومواطنيها، حيث أن النقاب استخدم كثيراً في عملياتٍ إرهابية ونحن نحترم قوانين أي دولة ونلتزم بها عند زيارتنا لتلك الدولة للسياحة أو العلاج أو الشراء، وكل دولة حرّة في فرض ما تراه مناسباً لنظامها.
فنحن في السعودية نُطالب الأجانب بارتداء العباءة أو الحجاب إذا أمكن عند التسوق أو النزول إلى شوارعنا وكذلك نُطلب من غير المسلمين مراعاة قيمنا الدينية في شهر رمضان المُبارك وعدم تناول الغذاء أو الشراب في نهار رمضان احتراماً لمشاعر المسلمين الصائمين.. فعلينا الإذعان ومراعاة القوانين والأنظمة في كل دولة نقوم بزيارتها احتراماً لأنفسنا أولاً ثم تقديراً لنظام تلك الدولة، أما أولئك الذين يرون أن في القانون الفرنسي خرق للحريّات الشخصية فأقول لهؤلاء ان بعض المسلمين استخدموا النقاب لأسبابٍ إرهابية ويتسللوا إلى سقوف الآمنين واحدثوا نوعاً من الإرباك والهلع بين المتسوقين والأطفال والنساء والشيوخ، كما احدثوا شكاً على كل من يرتديه، أما الذين يتشبثون بالنقاب فعليهم مغادرة تلك الدولة التي تمنع النقاب إلى بلادهم أو أي دولة أخرى (ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها)، أو كما جاء في الحديث فيما معناه: (إذا أردت التوبة أو التزام الصلاح فاذهب إلى أرض بها أناسٌ صالحون).. وفي تصوري لا أرى هناك داعياً لمناهضة قوانين وأنظمة أقرتها مجالس وحكومات تلك الدول عن طريق المظاهرات، وكما يقول المثل العام الشعبي ((يا غريب كُن أديب)).
فاحترام الشخص منا للدستور أو لدولة معينة يدلُ على وعينا وإدراكنا لحقوق تلك الدول والأنظمة وحقها في سن القوانين التي ترى أنها تدرأُ الأخطار الأمنية عن شعوبها مهما كان فيها نوعُ من غضاضة نفوسنا وقيمنا؛ لأن هذا كان ناتجاً عن ما فعله السفهاءُ منا.
ودعونا من كلمة مؤامرة أو أن الغرب حاقدٌ علينا، فانتشار الإرهاب في العالم أدى إلى الكثير من المضايقات التي ألمت بنا وبالمسلمين جميعاً سواءً في الحصول على الفيز أم الانتظار في طوابير كبيرة للتفتيش في المطارات الأمريكية والأوروبية، وحتى من حيث التعامل أو النظرة الاجتماعية العامة فلا يمكننا اليوم أن نلوم هذا النظام أو تلك الدولة أو اتهامهم بالكره والحقد على الإسلام والمسلمين كما يقول ذلك بعضنا.
يجبُ علينا أن نقف من أنفسنا موقف الخصم والحكم وأن نعمل على تربية أبناءنا حفاظاً على قيمنا ومبادئنا واحترام حقوقنا وشريعتنا.
وحتى نعود لمكانتنا نحتاج إلى وقفة إدراك وإحساس لما يدورُ حولنا، وما دام موضوعنا عن العباءة النسائية، أقول أنها شكلَّت زياً محتشماً على مر العصور التاريخية في مجتمعاتنا الخليجية وزاد اليوم عليها أنها أصبحت موضة متطورة بفضل ملامح التغير التي أخذت تظهر على شكلها التقليدي لأنها ترمز إلى زي المرأة التراثي وتضفي إليها طابعاً عصرياً مع موضة الحاضر ورونق المستقبل، وأصبحت هناك مجالات ومحاولات من قبل المرأة للتميز في العباءات التقليدية للخروج عن عباءة أمي وأمها.
أما اليوم وقد أصبحت العباءة محببة إلى كثير من بناتنا لأنها أصبحت معياراً لأنوثة المرأة في مجتمعاتنا الخليجية مما أدى إلى التزام المرأة بزيها وعدم التفكير في خلعه عن طريق إضافة الألوان وبالتالي الحفاظ على التراث الاجتماعي القديم.

التصنيف:

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *